تجلت إلى الأبصار من أفق الهدى ... وبثت إلى الأنصار منها وسائل
فيأيها المولى الذي شاد آخرا ... من الفخر ما لم تستطعه الأوائل
بنوك كأمثل الأناب عدة ... فزانت يد الإسلام تلك الأنامل
غصون بروض الجود منك ترعرعت ... وقد جادها من صوب نعماك وابل
فوا ما أدري إذا ما تذوكرت ... أأخلاقها تجلى لنا أم خمائل
غيوث سماح والعفاة مسايل ... ليوث كفاح والكماة تنازل
سيوف محلاة على عاتق الهدى ... إذا تنتضي تمضي وتنبو المناصل
تخاف عداة الدين منهم وتتقي ... كما تتقى الأسد الظباء الجوافل
وإنَّ أبا الحجاج وهو كبيرهم ... محل كثير دونه متضائل
مليك إذا اتقبلت غزة وجهه ... تخليت أنَّ الشمس فيما تقابل
إذا استمطرت في المحل سحب بنانه ... فهن لمستجد هوام هوامل
وإن سال ماء البشر فوق جبينه ... فليس بمدفوع عن الورد سائل
تقلد منه عاتق الملك صارما ... له العزم نصل والسعود حمائل
وأبناؤه در تناسق عقده ... يحلى بهم من لبة الفخر عاطل
أزهار في روض المحاسن أينعت ... فلا روضها ذاو ولا الزهر ذابل
زواهر في أفق العلاء تطلعت ... يشابه بعض بعضها ويشاكل
فما منهم إلاّ أغر نحجل ... بورد المعالي في الشبيبة ناهل
أقمت لها الإعذار موسم رحمة ... تسنت به للمتقين المآمل
وما هو إلاّ مورود لسعادة ... تفيض لها منه المنى والفواضل