نعم: إن "لعقل" يعمل في المحسوسات، أي: في المادة باعتبارها من آيات الله تعالى، لاستخلاص البراهين القاطعة على وجود الخالق ووحدانيته، والتصديق بما جاء على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام من الوحي، ومعلوم أن الإنسان مكلّف ومأمور بأعمال فكره في الموجودات، لمعرفة الموجد الخالق عز وجل معرفة صحيحة، والآيات في كتاب الله تعالى في هذا المعنى كثيرة جدا، كقوله عز وجل: {إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} ، وقوله جلّ وعلا: {وهو الذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين إثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون* وفي الأرض قطع متجاورات وجنّات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد، ونفضّل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} .

أما "عالم الغيب" فلا عمل للحوّاس منه على الإطلاق، لأن الحوّاس غير صالحة لإدراك المحسوس، ومن طلب معرفة شيء من الغيب بحوّاسه، فهو جاهل مغفّل، مثله كمثل من يحاول إمساك الهواء أو النور بيده، والمؤسف حقا وجود هذه النوعية في المجتمع، فأحدهم لا يؤمن بالله تعالى لأنه لم يره.. وآخر ينكر الآخرة لأنه لم ير أحدا رجع بعد موته فأخبر بها.. وهكذا..

ولو سألهم سائل: أين عقولكم يا هؤلاء؟؟.. لسكتوا.. وبهتوا.. ولكنّنا نحن نعرف: أين هي عقولهم؟.. إنها في شهوات بطونهم وفروجهم..، فأحدهم قزّم عقله ومسخه، وجعله في بطنه وفرجه.. فلذلك هو لا يعقل.. ولا يفقه.. ولا يعلم.. ولا يتذكّر.. ولا يتفكّر.. بل كل همّه: "بطنه".. أكلا وشرابا.. و"فرجه" فحشاء وبغاء.. فهل مثل هذا.. أهل لأن يعرف الله؟..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015