كل هذه الأدلة وغيرها كثير تدل على عظم حرمة دم المرء المسلم وتحريم قتله لأي سبب من الأسباب , إلا ما دلت عليه النصوص الشرعية , فلا يحل لأحد أن يعتدي على مسلم بغير حق , يقول أسامة بن زيد رضي الله عنهما: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة , فصبحنا القوم فهزمناهم , ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم , فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله , فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته , فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم , فقال يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله!! قلت: كان متعوذا , فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» . متفق عليه وهذا لفظ البخاري. وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة الدماء , فهذا رجل مشرك وهم مجاهدون في ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد , فتأول أسامة - رضي الله عنه - قتله على أنه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله , ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره وتأويله , وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين , وعظيم جرم من يتعرض لها.