اركان الايمان (صفحة 214)

الظروفَ طارئةٌ، ولا أنْ يقولَ: أحكامٌ عسكريةٌ يوقفُ بها تطبيقَ دينِ اللهِ، وتحتَ هذه الأسماءِ ووراءَ هذه الشعاراتِ تسفكُ الدماءُ، وتداسُ الكرامةُ، وتنتهكُ الحرمةُ، وهذا هو شأنُ جميعِ الأنظمة ِالوضعيةِ الأرضيةِ، أو بتعبيرٍ أدقَّ (الأديانُ الأرضيةُ) التي اخترعَها البشرُ منْ عندِ أنفسهِم، وأبرزُ ما تكونُ هذه الظاهرةُ في الأنظمةِ العسكريةِ والانقلاباتِ الثوريةِ، ففي كلِّ انقلابٍ قانونٌ جديدٌ، وفي كلِّ مرةٍ تٌنصَبُ المشانقُ وتعلَّقُ على أعوادٍ في الأسواقِ، ودعكَ عنِ التحقيقاتِ مع النساءِ في الظلامِ، والناسُ الذين يدفَنونَ أحياءً، أو يوضعونَ في براميلِ النيتريكِ، حتى يذوبوا ثم يطالَبُُ أهلُهم بهِم لأنهم فرُّوا منَ السجنِ!!

وفي كلِّ مرةٍ يغيَّرُ فيها النظامُ تفقِدُ البلدُ أعزَّ أبنائهِا، وأقدرَ كفاءاتِها، وأعلى طاقاتِها، وأثمنَ ما لديها، وهمُ العيناتُ من الشبابِ والمفكرينَ والقادةِ وغيرهِم.

وثباتُ العقيدةِ الربانيةِ يجعلُ الناسَ جميعاً تحت ظلِّ الدستورِ والحكمِ، وليسَ هنالك حاكمٌ فوقَ القانونِ ومحكومٌ تحتَ القانونِ، ونظامٌ يسري على الحاكمِ، ونظامٌ يسري على المحكومِ.

فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي ... {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء:23)

أمَّا الخليفةُ والأميرُ والحاكمُ فهم جميعاً خلقُ الله، ويعبدونَ اللهَ بتنفيذِ هذا القانونِ الربانيِّ، فما داموا منْ خلقِ الله فهمْ عبيدٌ، وليسوا آلهةً لا يُسألونَ.

3 - ومنْ خصائصِ هذه العقيدةِ الوضوحُ:

فالعقيدةُ الإسلاميةُ عقيدةٌ واضحةٌ لا غموضَ فيها ولا تعقيدٌ، فهي تتلخصُ في أنَّ لهذهِ المخلوقاتِ إلهاً واحداً مستحِقًّا للعبادةِ هو اللهُ تعالى, الذي خلقَ الكونَ البديعَ المنسَّقَ, وقدَّر كلَّ شيءٍ فيه تقديرا، وأنَّ هذا الإلهَ ليسَ له شريكٌ ولا شبيهٌ ولا صاحبةٌ ولا ولدٌ.

فهذا الوضوحُ يناسبُ العقلَ السليمَ, لأنَّ العقلَ- دائماً -يطلبُ الترابطَ والوحدة َعندَ التنوعِ والكثرةِ، ويريدُ أنْ يُرجعَ الأشياءَ المختلفةَ إلى سبب ٍواحدٍ. وكما أنَّ العقيدةَ الإسلاميةَ واضحةٌ، فهي كذلك لا تدعوا إلى الاتباعِ الأعمَى, بل على العكسِ فإنها تدعوا إلى التبصُّر والتعقُّلِ, قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015