يبدِّلهُا كافرٌ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ" (أخرجه الحاكم في المستدرك) (?).
والإنسانُ يتحركُ ويتطورُ وينمو، ولكنْ داخلَ إطارِ العقيدةِ الثابتِ الذي يتسعُ لحركةِ الإنسان ونموِّه، وإذا خرجَ الإنسانُ من الإطار الثابتِ فإنهُ يسبحُ كالنجمِ الذي يفلتُ من مدارهِ، ويسيرُ إلى نهايتهِ التي تؤدِّي إلى اصطدامهِ بكوكبِ آخرَ، فيتحطَّمُ ويحطِّمُ معهُ غيرَه.
ولا بدَّ من شيءٍ ثابتٍ يرجع الناسُ إليه، حتى يطمئنُّوا ويستريحوا،ويكونَ عندهم مقياسٌ يعرفونَ طولَ الأشياء وعرضِها ووزنِها، أما الذين يقولونَ بأنَّ كلَّ شيءٍ متطورٌ في الحياةِ حتَّى الدينَ والأخلاقَ والنظمَ، فهذا يؤدِّي إلى فوضَى كبيرةٍ، فلا نعرفُ الحكمَ على أيِّ شيءٍ، ولأضربَ مثلاً: الزنا مثلا ثابتةٌ حرمتُه وبشاعتُه في الرسالاتِ التي نزلت منْ عندِ اللهِ، فلا يختلفُ في هذه القضيةِ اثنانِ. فإذا كانَ المقياسُ الذي حكمنا به على الزِّنا أنهُ قبيحٌ ثابتٌ، فإن َّالزنا يبقَى بشعاً، ويستقرُّ في ذهنِ الأجيالِ أن َّهذا الحكمَ ثابتٌ لا يتغيرُ، فتتربَّى قلوبهُم على كراهيةِ الزنا واحتقارهِ.
أمَّا إذا كانَ القانونُ والدِّينُّ غيرَ ثابتينِ، وكانا متطورينِ، فإنه يعني أنَّ الزنا كانَ بشعاً في فترةٍ من الفتراتِ، ولكنَّ الزنا الآنَ في عرفِ الذينَ يقولونَ بتطوِّر الأخلاقِ- مثل ُ (فرويد) - ضرورةً بيولوجيةً لا بدَّ منها.
وكذلك سترُ العوراتِ وتغطيةُ اللحم باللباسِ -خاصةً من قبلِ النساء- كانَ أمراً طبيعياً وثابتاً في الأخلاقِ والأديانِ، ويبقَى ثابتاً إلى يوم الدينِ، أمَّا في الأخلاقِ المتطورةِ فلقدْ كانَ سترُ العورة ِمستحسناً في عصرٍ منَ العصورِ، ثم جاءَ القرنُ العشرينُ ورأى أنَّ سترَ العورةِ شيءٌ مستقبحٌ، وأصبحَ أصحابَهُ ينادونَ بكشفِ العورة ِ في أجهزةِ إعلامهِم وأبواقهِم التي تفوحُ منها رائحةُ الخبثِ والكيدِ والغدرِ بهذا الكائن ِالإنسانيِّ الذي يريدونَ تحطيمَهُ.