الباب الرابع
الإيمان بالغيب
إنَّ الإيمان الغيب هو الذي يتفاضل فيه الناس ويتفاوتون، ولذلك يحسن بنانأن نعرِفَ ما هو الغيب، ثم ننطلق من ذلك إلى بيان أركان الإيمان.
الغيب في الإسلام هو: كل ما غاب عن حسِّ الإنسان سواءٌ بقي سرًّا مكتوما يعجز الإنسانُ عن إدراكه بحيث لا يعلمه إلا اللطيف الخبير، أو كان مما يعلمه الإنسانُ بالخبر اليقين عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -،وقد يعلمُ الإنسانُ بعض الغيب بتحليله الفكري أو نحو ذلك من الوسائل. (وذلك في بعض ما يمكن الوصول إليه بالوسائل المساعدة، على توسيع مدى الحواس مثل المناظير وغيرها من الأجهزة، وهذا مما يدخل في الغيب النسبي كما سنرى).
إن الإيمان بالغيب خاصيةٌ من الخصائص المميزة للإنسان عن غيره من الكائنات؛ ذلك لأن َّالحيوان يشترك مع الإنسان في إدراك المحسوس، أما الغيبُ فإن الإنسان- وحده- المؤهلُ للإيمان به بخلاف الحيوان. لذا كان الإيمان بالغيب ركيزةً أساسيةً من ركائز الإيمان في الرسالات السماوية كلها. فقد جاءت هذه الرسالات ُ بكثير من الأمور الغيبية التي لا سبيل للإنسان إلى العلم بها إلا بطريق الوحي الثابت في الكتاب والسنة، كالحديث عن الله تعالى وصفاته وأفعاله وعن السماوات السبع وما فيهن، وعن الملائكة والنبيين والجنة والنار والشياطين والجن وغير ذلك من الحقائق الإيمانية الغيبية، التي لا سبيل لإدراكها والعلم بها إلا بالخبر الصادق عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
1. الغيبُ المطلقُ: