وأنا من الناس الذين يؤمنون بأن القصائد العفوية لاتطرق باب القلب وإنما تنساب إليه بلا مشقة

وكذلك كانت خريدتكم أستاذي الحبيب أباسهيل

بلغك الله السعادة

مرحبا بأخي الغالي الأبهر

صدقا لم انتبه لمشاركتك إلا الآن فاعذرني

دمت أخا كريما ودودا

ـ[فتون]ــــــــ[14 - 12 - 2010, 05:33 ص]ـ

عودة ...

فضلت أن تكون وقفتي متأملة أكثر منها ناقدة هذه المرة

ولي عودة ناقدة مرة أخرى ...

يَا مَن زَعَمْتُمْ أَنَّكمْ قَدْ تسهَرونْ ... فَاليَوْمَ عِيدٌ لَا قُيُود وَلَا سُجُونْ

طَالَ انْتِظَارِي، هَلْ تُرَاهُم يُقْبِلُونْ؟ ... أَمْ أَنَّهُمْ مَلُّوا أَحَادِيثَ الشُّجُونْ؟

- بدأ الشاعر يتساءل عن أصدقاءه المقربين لماذا هم بعيدون؟؟ لماذا لا يسامرونه مع أنهم يقدرون على ذلك ولا شيء يمنعهم؟؟

ويفكر، ولكن يفترض أن يكون هناك عدة احتمالات وردت بذهنه ولكنه آثر ألا يذكر إلا واحدة فقط " أم أنهم ملّوا أحاديث الشجون؟ "

ربما تشاؤما، وربما تمهيدا وإشارة لموضوع قصيدته ولما يشعر به ويريد أن يحدثنا عنه ... كلا الاحتمالين وارد جدا أحدهما محسوب

على الشاعر والآخر محسوب له بل يدل على إجادة ...

ولايزال يحكي لنا حواره مع نفسه ولا يكرر ما أشار إليه في البيت السابق "إنه حزين" وإنما "إن حزنه عظيم جدا" ... جميل

لَا تُكثِرْ التِّسْآلَ وَاتْرُكْ لَوْمَهُم ... فَالنَّاسُ طُرًّا مِنْ سَمَاعِكَ يَهْرَبُونْ

هنا أجاب بنفسه على تساؤلي واحتمالاتي؛ لقد جمع بين التشاؤم وبين التمهيد للولوج إلى غرضه ...

كَمْ لَيْلَةٍ سَامَرْتَ نَجْمَكَ هَائِمًا ... وَاللَّيْلُ يَعْزِفُ صَمْتُهُ لَحْنَ السُّكُونْ

ما أجمل هذا البديل المقترح، ولسان حال القارئ يقول إذا لماذا تطلب الناس؟؟

وكأني أرى صورة جميلة لليل الساكن والسماء الممتلئة بالنجوم، إنها تحث رفيقها للبوح

تَرْوِي لَهُ أَحْزَانَ قَلْبِكَ مُوقِنًا ... أَنَّ النُّجُومَ وَإِنْ صَغَتْ لَا يَنْطِقُونْ

كثيرا ما نظن أن النجوم كلها صديقة لنا نشكو لها همومنا التي لايمكن أن نشكوها لأحد موقنين أنها ستحفظ أسرارنا وأنها جميعها تصغي لنا وهكذا ظننتك ولكنني انتبهت إلى أنك لم تقع

في خطئنا؛ فالإنسان عادة يحدث أقرب الناس له ولايحدث جماعة كبيرة منهم وكذلك الحال مع النجوم فلايمكن أن يتحدث مع تلك النجوم الكثيرة بلا هدف

"كم ليلة سامرت نجمك هائما" إنه صديقه الوحيد الذي لم يخلف معه موعدا

ويبقى السؤال: ماذا تريد بالناس إذا؟؟

إِنِّي عَهِدُّتَكَ فِي هُمُومِكَ مُفْرَدًا ... لَا تَأْلَفُ الإِنْسَ وَلَا هُمْ يَأْلَفُونْ

"إني عهدتك في همومك مفردا" وهكذا يجب أن تكون وهل يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟؟

فَعَلَامَ جِئْتَ اليَوْمَ تَطْلُبُ وُدَّهُمْ؟! ... وَتَظُنُّهُمْ لِأَنِينِ قَلْبِكَ يَسْمَعُونْ؟!

تساؤل منطقي جدا جاء في مكانه

ولكن عبارة "تطلب ودهم" لا أدري أحسست أنها في غير مكانها لأن الأصل أنهم رفاق وأهل ودّ ولكن ربما تطلب ... يخونني التعبير والمعنى واضح كما أظن ... << أليس كذلك؟؟

أوقفتني لفظة "يسمعون" وقلت أليس الأصوب أن تكون "سيسمعون"

ولكن وجدت أنها اختيرت بعناية لتؤدي دلالة أبعد مما ظننت لأول وهلة

فالتعبير بـ "أنين قلبك" أنين القلب صوت خفي لايمكن سماعه بسهولة، لايسمعه إلا نوع نادر من البشر قلّ وجوده،

يسمعونه دون أن يحدثهم صاحبه بشيء ويبادرون بسؤاله عن سبب ذلك الأنين والاستزادة منه ...

أما الفعل المضارع "يسمعون" فدل برأيي على أنهم لايسمعون

ولايشعرون وعلى أن هذا الحال دائم ...

رِفْقًا بِنَفْسِكَ لَا تَزِدْ مِنْ هَمِّهَا ... وَارْفقْ بِهِمْ فَالنَّاسُ لَا تَهْوَى الشُّجُونْ

ليست المرة الأولى التي يتم فيها الشاعر حديث نفس القارئ ويقرر أفكاره ...

"فالناس لا تهوى الشجون" هذه هي الحقيقة ...

عدت بعد فراغي لإعادة قراءتها

فوجدت الأفكار متسلسلة تسلسلا منطقيا ومترابطة جدا فسطرت ما سطرت لأثبت ما وجدته إلا ملحوظة واحدة

"لا تألف الناس ولا هم يألفون" فلفظة "تألف" أخلت بالمعنى ...

وفقة بسيطة مع العاطفة:

وجدت العاطفة مضطربة في بداية القصيدة؛ فالشاعر يتذمر من رفاقه ويلومهم بإجحاف ثم يلقي باللوم كله

على نفسه ظالما لها بشكل يدل على اضطراب وحزن ...

ويبقى الحزن كما هو أو أعمق في نهاية القصيدة ولكن نجد العاطفة أكثر ثبات واتزان ...

هذا التفاوت خدم النص كثيرا بل كان من مميزاته التي تحسب له؛ فقد

انسجم مع الأفكار لتؤدي فكرة الشاعر الرئيسة، أيضا دل على صدق مؤثر في النفوس، دل على واقعية وتلقائية

تطلبها النفوس أيضا ...

ملحوظة:

طَالَ انْتِظَارِي، هَلْ تُرَاهُم يُقْبِلُونْ؟ ... أَمْ أَنَّهُمْ مَلُّوا أَحَادِيثَ الشُّجُونْ؟

جاء التعبير في البيت الأول بـ " قد تسهرون"

فلم يطول انتظارك؟؟

تحيتي

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[16 - 12 - 2010, 01:21 ص]ـ

عودا حميدا أستاذتنا فتون

ما أحسنها من قراءة تأملية راقية كشفت خبايا النص ووضحت معالمه

أحسد نفسي عليها:)

شكرا جزيلا لك وفي انتظار العودة الأهم العودة النقدية

كان الله في عوني:)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015