ـ[ساري عاشق الشعر]ــــــــ[17 - 12 - 2010, 02:15 م]ـ
موضوع يؤرق خاطري منذ زمن ... وبصراحة لم أجد له جوابا دقيقا حتى الآن ....
والحقيقة ... أن التكلف يقتل الإبداع ويدفن الموهبة .. ويميت االإحساس ...
ما هي مظاهر التكلف ... وماهي حدوده ...
سؤال ضخم ...
وهل التكلف يكون بأمور مثل العاطفة ... يعني يتكلف إنسان عاطفة لا يشعر بها ...
أم أنه منحصر في أمور الصنعة الفنية .. كالصور .. والألفاظ والأوزان
وما هو ضابط تمييز التكلف ...
ـ[ساري عاشق الشعر]ــــــــ[25 - 12 - 2010, 11:42 م]ـ
وجدت بعض الكلمات المنثورة في إحدى المنتديات .. ولكنّها بصراحة لم تروِ ظمأي
وبالنسبة للشكل مثلاً:
يجعل "علي الجرجاني" (الوساطة ص35) القاسم المشترك الذي ينصب عليه الحكم الجمالي في الشعر القديم أو المتأخر هو: روعة اللفظ، لأنه يقول: "إذا أردت أن تعرف موقع اللفظ الرشيق من القلب وعظم غنائه في تحسين الشعر، فتصفح شعر (جرير) و (ذي الرمة) في القدماء، و (البحتري) في المتأخرين، وتتبع نسيب متيمي العرب، ومتغزلي أهل الحجاز (كعمر) و (كثير) و (جميل) و (نصيب) وأضرابهم، وقسهم بمن هو أجود منهم شعراً، وأفصح لفظاً وسبكاً، ثم انظر واحكم وأنصف ودعني من قولك: هل زاد على كذا؟ وهل قال إلا ما قاله فلان؟ فإن روعة اللفظ تسبق بك إلى الحكم "
وبالنسبة للمعنى:
فإنَّ "قدامة بن جعفر" يبدي اهتمامه بالمعاني (نقد الشعر ص 91) بقوله: "جماع الوصف لذلك أن يكون المعنى مواجهاً للغرض المقصود، غير عادل عن الأمر المطلوب"
تلك بعض الأمثلة وفي مجموع ماشعرت أو بحثت به وجدت أن النص الأدبي يحتاج إلى روح أدبية لديها القدرة على خلق التوازن بين الشكل والمعنى والأسلوب، بحيث لا يطغى جانب الشكل في النص على جانب المعنى، فتكون الألفاظ فصيحة والصياغة محكمة، فإذا ما فتشت عن مضمون النص، وجدته فارغاً .. وبحيث لاتحدث مغالاة أيضاً بالنص بشكل عام فتضيع روح الصدق والتواصل ..
والجاحظ يوضح أهمية التوازن بين اللفظ والمعنى لدرجة أن المعنى السخيف – كما قال الجاحظ – عندما يتلبسه لفظ سخيف يوازنه يحقق المتعة والجمال.
فيقول الجاحظ (البيان والتبيين جـ1 ص45) "وإني أزعم أن سخيف الألفاظ مشاكل لسخيف المعاني. وقد يحتاج إلى السخيف في بعض المواضع، وربما أمتع بأكثر من إمتاع الجزل الضخم من الألفاظ، والشريف الكريم من المعاني"
ويقول أيضاً: "وللكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل عن قدر الاحتمال ودعا إلى الاستثقال والملال، فذلك الفاضل هو الهذر، وهو الخطل وهو الإسهاب الذي سمعت الحكماء يعيبونه".
أما حازم القرطاجني (المنهاج) فيتحدث عن بعض أنواع التكلف بسبب الخلل في بعض التوازن:
فيقول: "والتكلف يقع إما بتوعر الملافظ، أو ضعف تطالب الكلم، أو بزيادة ما لا يحتاج، أو نقص ما يحتاج، وإما بتقديم وتأخير، وإما بقلب، وإما بعدل عن صيغة هي أحق بالموضع، وإما بإبدال كلمة مكان كلمة هي أحسن موقعاً في الكلام".
وماأقوله أخيراً
"ما خرجَ من القلب دخل القلب، وما خرجَ من اللسان لم يجاوز الآذان".
ـ[فتون]ــــــــ[26 - 12 - 2010, 01:45 ص]ـ
من خلال ما أوردت أخي ساري ومن المعلومات البسيطة التي أملكها
فإن النص الأدبي كما قلتَ آنفا لابد أن يكون متوازن في كل جوانبه
وأن يخدم كل جانب الآخر ويؤدي إليه ...
فالفكرة الرئيسة أو المعنى المراد يجب أن يكون موافق للدين والفطرة السليمة وللمجتمع، وبعد هذا فهو
متفاوت فبعضه أفضل من الآخر ...
وكذلك العاطفة التي دفعت الكاتب إلى صياغة ذلك المعنى يجب ان تكون سوية، ذات قيمة، أيضا يكون لها دافع
موافق للعقل والفطرة، وموافقة ومنسجمة مع أفكار النص وصوره وهذا يقتضي إحساسا مرهفا من الأديب ليراعي السياق
العام والموقف المناسب، ويتحسس التناغم بين العاطفة وما تصوره من خيالات تخدم الهدف العام من النص؛ فالنص
جاء من أجل هدف معين كل جوانبه يجب أن تنسجم سويا لتحقيق ذلك الهدف ...
أيضا والعاطفة في ذلك كله متفاوتة من حيث العمق ومن حيث كونها فردية أو جماعية من حيث نوع الدافع لها ومن حيث الصدق
أيضا، والصدق العاطفي مطلوب لكن يمكن أن يتفوق الصدق الفني عليه إن أتقن الشاعر وأجاد استشعار تلك العاطفة والتعبير عنها ...
أيضا الألفاظ كما أوردت عن الجاحظ يجب أن تخدم المعنى والأفكار وأن تتناغم مع الصور التي جاءت بها وأن تكون في سياقها بلغية معبرة ...
وهكذا في كل عناصر النص الأدبي ...
وعلى ما أوردته تكون مقايس نقد ذلك النص ...
تحيتي