ـ[المستعار]ــــــــ[22 - 07 - 2002, 11:12 م]ـ
المدينة في خلافة ابن الزبير
((64 ـ 72 هـ))
عاشت المدينة ثماني سنوات تابعة لعبد الله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في مكة، وتبعته بعض الأمصار الإسلامية، وكاد أن يستقر له الأمر لولا انتزعه عبد الملك بن مروان.
وخلال هذه المدة تولى إمارة المدينة عدد من أنصار عبد الله بن الزبير، وحدثت معارك بينهم وبين أنصار الأمويين خارج المدينة وانسحب بعضهم منها لبعض الوقت ودخلها جيش الأمويين وانسحب منها أيضاً، لذلك فإن الاستقرار السياسي في هذه الفترة لم يكن كاملاً. وبالمقابل فإن أهل المدينة لم يصبهم عنف الصراع وجراحاته، ولكن أصابهم الضيق من الصراع الدائر حولهم من دفع الخراج والنفقات لهذا الطرف حيناً ولذلك الطرف حيناً آخر، وحرمانهم من العطاءات واضطراب التجارة بسبب الفتن.
وقد تولى إمارة المدينة خلال هذه الفترة كل من عبيد الله بن الزبير شقيق عبد الله بن الزبير وفي عهده جاء الجيش الأموي إلى المدينة بقيادة حبيش بن دلجة ولم يكن فيها جيش قادر على مواجهته فانسحب عبيد الله برجاله وأنقذ المدينة من صراع دام فدخلها ابن دلجة ولم يحسن معاملة أهلها، ثم خرج مطارداً من جيش ابن الزبير الذي جاء من مكة، وحاصر الجيش المدينة فقتل وشتت أصحاب ابن دلجة.
ثم تولى مصعب بن الزبير إمارة المدينة، فأحسن إلى أهلها، وخفف عنهم الخراج وتزوج سكينة بنت الحسين، ومالبث أن ترك المدينة وتوجه إلى العراق للقضاء على فتنة المختار الثقفي، وتولى عبد الرحمن بن الأشعث الإمارة وكان شديداً وخشي أن ينقض أهل المدينة البيعة، فأخذها منهم بشيء من القسوة، وضرب التابعي الجليل سعيد بن المسيب لأنه رفض المبايعة، وعلم ابن الزبير بذلك فعزله وولى جابر بن الأسود بن عوف، الذي أحسن إلى الناس ولكن سياسة ابن الزبير لم تنجح في شد أهل المدينة إليه فقلة موارده الاقتصادية، وتورعه في توزيع أموال بيت المال على الناس وحاجة جيوشه إلى المال لمواجهة جيوش عبد الملك بن مروان جعلت أمراءه لايوزعون الأعطيات، وعلى العكس من ذلك يستوفون الخراج، وصادف عهده جفاف وقحط، لذلك تضايق الكثيرون، ومالبثت خلافته أن ضعفت باستيلاء جيوش عبد الملك على العراق وقتل أخيه مصعب ثم زحف إلى الجزيرة العربية وأحس ابن الزبير فغير بعض أمرائه، وعزل جابر بن الأسود عن المدينة وولى طلحة بن عبد الله بن عوف فكان آخر أمرائه عليها، وما لبث أن جاء جيش الأمويين بقيادة طارق بن عمرو مولى عثمان بن عفان قديماً، ولم يكن لدى طلحة جيش قادر على المقاومة فانسحب من المدينة برجاله ودخلها طارق سلماً، وكان كريماً في معاملته مع أهلها، وتولى إمارتها، فدخلت المدينة سلطة المروانيين من بني أمية.
----------------------
للتوسع:
البداية والنهاية ج8/ 242 - 3
ـ[المستعار]ــــــــ[22 - 07 - 2002, 11:12 م]ـ
المدينة في المرحلة الثانية من العهد الأموي
((70 ـ 132 هـ))
امتد هذا العهد ستة عقود وانتهى بنهاية الدولة الأموية عام 132هـ، وتميز بالاستقرار والطمأنينة، توالى فيها أمراء؛ بعضهم لين الجانب يحسن معاملة أهل المدينة ويكرمهم، وبعضهم يشتد عليهم، وبخاصة على الهاشميين من أحفاد الحسن والحسين، و الزبيريين من أحفاد عبد الله بن الزبير، خشية ثورتهم أو تأليب الناس على الأمويين، لكن المدينة التي آلمتها وقعة الحرة من قبل، وأزعجها فترة الصراع بين ابن الزبير والأمويين لم تعد تعبأ بأمور السياسة والحكم، واشتغل معظم الناس فيها بالعلم والزراعة والتجارة، واستغرقتهم أمور حياتهم اليومية، وغالباً ما كان الأمراء الذين يشتدون عليها يعزلون ويعاقبون أو ينتهون نهاية سيئة.
بدأت الفترة هذه بإمارة طارق بن عمرو سنتين هادئتين، ثم عين الحجاج أميراً على الحجاز واتخذ مقره في المدينة، فقاسى أهلها عامين كاملين من شدته، وقد آذى بعض الصحابة أمثال أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وجابر بن عبد الله، بحجة أنهم لم ينصروا الخليفة عثمان أيام الفتنة، ولم تحظ المدينة بأي عطاء أو أموال من عائدات الفتوح، وانحصر العطاء فيمن يقصد الخليفة في الشام وكانوا قلة، ونقل الحجاج عام 75هـ، إلى العراق ليواجه الخوارج وتولى إمارة المدينة يحيى بن الحكم عم الخليفة عبد الملك ثم أبان بن عثمان بن عفان الذي تولى الإمارة خمس
¥