ـ[السراج]ــــــــ[27 - 12 - 2010, 07:27 ص]ـ
يا من جحدت عيناه دمي ... وعلى خدّيه توّرده ..
خدّاكَ قد اعترفا بدمي ... فعلام .. جفونك تجحده ..
في البدء ..
(قد) الجميلة العذبة في سلاسة الكلام كانت وسط سلسلة بين الاعتراف والشاهد، فموقعها يمطرُ خيراً.
من الأخير نبدأ في الربط الجميل – وهو المقصود دائماً (فلابد من طلب بعد النداء) – بين النداء الأول والاستفهام، حيثُ جاء بلفظة الشعر الجميلة (علام) ثم تعلّقتْ بشيء من (ماضي) فكانت الفاء!
رجوع ..
نداء أراده الشاعر مخفياً عن الأسماعِ والأبصارِ فكان أن استرجع صفته فيه عِتاباً لطيفاً (جحدتْ عيناه دمي) حيثُ نسب الجحود لجزء منه (المسؤول عنه) وهذا اللون الأكثر ظهوراً ونزقاً وجمالاً في توارد الإشارات، وفي علامات (الحب) وفي مراتب مستقبلي الأحباب ... هو اللون الأجمل في تورّد الخدود.
يرى دمه قد تورّد في خدي محبوبه (الذي جحد ذلك ولم يعترف) – وهو يرى ذلك اعترافاً من الخدين بفعلته ووجود لون الدمّ في صفحتيهما أما الجفون تنكره!
محاكمة ..
الجاني من؟
والشاهدُ من؟
والأدلة هنا: اعترافات لونية قسراً أنكرتها العينان لكن ظهورها في الخدين كشف الحقيقة (الربط الجميل بين لون الدم وخجل الخدود)
مكونات ..
عينان، ودم، وخدين، جفون (شكلتْ رموز المحبّ وحبيبه)
جحدتْ، تورده، اعترفا، فعلام .. (شكّلتْ آلة العتاب الجميل)
(1)
ـ[أحاول أن]ــــــــ[27 - 12 - 2010, 08:07 م]ـ
كأني أقرأ البيتين لأول مرة!
جميلة هذه القراءة بألوانها المتعددة فهي منطق وقانون وأحياء ونحو ..
حقا: أبيات رائقة، وقراءات رقراقة ..
ـ[السراج]ــــــــ[27 - 12 - 2010, 08:32 م]ـ
كأني أقرأ البيتين لأول مرة!
جميلة هذه القراءة بألوانها المتعددة فهي منطق وقانون وأحياء ونحو ..
حقا: أبيات رائقة، وقراءات رقراقة ..
شهادة مطرّزة بحروف من ذهب ..
شكراً أحاول أن على الحضور الذي يجمّلُ النافذة.
ـ[السراج]ــــــــ[28 - 12 - 2010, 08:03 م]ـ
وجلا الوداعُ من الحبيب محاسن ... حُسْنُ العَزَاءِ وَقد جُلين قَبيحُ
فَيَدٌ مسلمَةٌ وطَرْفٌ شاخِصٌ ... وَحَشاً يذوب ومَدْمَعٌ مسفوحُ
المشهد الأكبر
مغناطيس الكلمات الخابية تحت أغطية من ألم وفراق، تبدو للشعراء عصافير تفرُّ سريعاً وهي عند من يكتمُ أثواب الحرير تتحرّك مكانها لا تراودُه! إنه الوداع!
ضوء
لاختياره - المقصود - لكلمة (جلا) نكهة خاصة من باب المعرفة الشخصية للشاعر فكأن حُجُب الحبيب تكشفتْ له – حُجُب الخصال والمحاسن والفعل بيد (الوداع) حيثُ لا مناص من لقاء.
ثم نكهة خاصة من باب اللغة ممزوجة بحركة يختصّ بها الفعل. حركة فتح الستار والغطاء.
تقسيم
اعتدنا على براعة المتنبي في الشعر. وهنا يصف المشهد من زوايا عدّة وقد اختار أو ركّز على صورة محبه والوداع يلفهما معا في دائرة كُبرى اقرأ هذا التقسيم:
فَيَدٌ مسلمَةٌ
وطَرْفٌ شاخِصٌ
وَحَشاً يذوب
ومَدْمَعٌ مسفوحُ
وصف أربعة بمسارات الجانب النفسي المتهاوي من الفراق.
وهو – كذلك - تقسيم ترتيبي فمن بداية التسليم ارتفع بعيدا النظر وأصبح شاخصاً فألهج الحشا والفؤاد فثار الدمع سيلاً ...
المسفوح
صفة لما سال من فعل الجرح!
والدمعُ هُنا سفحه الفراق عمداً
مكونات ..
يَدٌ، وطَرْفٌ، وَحَشاً، ومَدْمَعٌ (شكلتْ أهم عناوين الحبيب)
مسلمَةٌ، شاخِصٌ، يذوب، مسفوحُ .. (شكّلتْ آلة الوصف)
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[28 - 12 - 2010, 08:35 م]ـ
قراءتك هي الرائقة، أخي السراج.
وإنه ليحق للنص الذي تتناوله أن يفخر ويتيه لما يكتسبه من جمال يزدهي بعيون القراء.
شكرا جزيلا.
ـ[السراج]ــــــــ[28 - 12 - 2010, 08:58 م]ـ
عامر: توشّحت النافذة بحضور أديب فذّ أفتخر - دوماً - بوجود اسمه.
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[28 - 12 - 2010, 10:47 م]ـ
اعتدنا على براعة المتنبي في الشعر
و على براعتكم في قراءة الشعر أيها الأخ الكريم السراج
سأبقى متابع ...