ـ[نبيل الجلبي]ــــــــ[24 - 12 - 2010, 11:58 م]ـ
العربية بيان الله في القرآن
الأستاذ الشاعر عبد الواحد اخريف
رَفْرِفِ بِرُوحِكَ فِي ذُرَى الإيمَانِ * واقْرَأْ بَيَانَ اللهِ فِي القُرآنِ
لُغَةٌ كَسَاهَا الْوحْيُ ثَوْبَ جَمَالِهَا * وَاخْتَارَهَا لِكِتَابِهِ النُّورَانِي
عَرَبِيَّةً جَاءَتْ لَدَى مِيلاَدِهَا * سِيَّانِ مِنْ عَدْنَانَ أوْ قَحْطَانِ
نَشَرَتْ عَلَى الصَّحْرَاءِ خِصْبَ بَيَانِهَا * بَيْنَ الرُّبَى وَمَرَاتِعِ الْغِزْلاَنِ
فَغَدَتْ بِهَا الصَّحْرَاءُ جَنَّةَ يَعْرُبٍ * تَزْهُو بِشِعْرٍ رَائِعِ الأَلْحَانِ
وَالدُّرُّ مَنْثُورٌ عَلَى جَنَبَاتِهَا * فِي النَّثْرِ يُفْصِحُ عَنْ مَدَى التِّبْيَانِ
حِكَمٌ تُخَلِّدُهَا الْحَيَاةُ وَتَحْتَفِي * بِصَوَابِهَا فِي الرَّأْيِ وَالإِتْقَانِ
قُسٌّ وسَحْبَانٌ مَنَارَا هَدْيِهَا * نَالاَ خُلُودَهُمَا مَدَى الأَزْمَانِ
والشِّعْرُ فِي بَيْدَائِهَا نَبْعٌ صَفَا * يُرْوِي الْقَرَائِحَ رَائِقَ الأَوْزَانِ
فَكَأَنَّ كُلَّ بَنِي الْعُرُوبَةِ شَاعِرٌ * يَلِدُ القَرِيضَ مُرَنَّحَ الأَلْحَانِ
لَمْ يُنْتِجِ الشُّعَرَاءُ فِي أُمَمِ الْوَرَى * مَا أَنْجَبَ الشُّعَرْاءُ مِنْ عَدْنَانِ
إِنْ كَانَ لِلإِغْرِيقِ هُومِرُسُ الَّذِي * غَنَّى عَلَى جَمْرٍ وَفِي نِيرَانِ
فَالسَّبْعُ وَالْعَشْرُ الطِّوَالُ قَلاَئِدٌ * تَرْبُو عَلَى إِلْيَاذَةِ الْيُونَانِ
فُرْسَانُهَا فِي الْقَوْلِ قَدْ ظَلُّوا عَلَى * مَرِّ الزَّمَانِ شَوَامِخَ الأَرْكَانِ
مَنْ كَامْرِئِ الْقَيْسِ الْمُضَمَّخِ شِعْرُهُ * بِبَلاَغَةٍ وَمَشَاعِرِ الْوُجْدَانِ؟!
وَفُحُولُهَا مِنْ مُبْدِعِي زَهَرَاتِهَا * مَنْ ذَا يُمَاثِلُ مَا لَهُمْ مِنْ شَانِ؟!
لُغَةٌ سَمَتْ بِبَيَانِهِمْ وَتَرَنَّحَتْ * نَشْوَى بِفَنِّ الْقَوْلِ وَالإِحْسَانِ
سَادتْ وَسَادَ الْعُرْبُ فِي أَمْجَادِهَا * وَعَلاَ رُؤُوسَهُمُ بَهَا التِّيجَانِ
عَرَبُ الْجَزِيرَةِ أَبْدَعُوا مِنْ لَفْظِهَا * سِيَّانِ فِي الْمَحْسُوسِ أَوْ فِي مَعَانِي
وَكَذَا الْحَيَاةُ مَظَاهِرٌ وَمَشَاعِرٌ * وَالْعَقْلُ فِيهَا دَائِمُ الدَّوَرَانِ
وَضَعُوا الأَسَامِي لَيْسَ يَعْجِزُ عَقْلُهُمْ * عَنْ وَضْعِهَا بِتَطَابُقٍ وَقِرَانِ
فَغَدَتْ حَيَاةُ الْقَوْمِ مِنْهَا فِي غِنىً * يَزْهُو الثَّرَاءُ بِهَا عَلَى الأَقْرَانِ
حَتَّى إِذَا كَمُلَتْ وَرَقَّتْ واغْتَنَتْ * وَتَبَرَّجَتْ بِبَدَائِعِ الأَلْوَانِ
جَاءَ الْكِتَابُ بِهَا فَشَرَّفَ قَدْرَهَا * وَحْياً لِقَلْبِ الْمُصْطَفَى الْعَدْنَانِي
فَغَدَتْ بِهِ خَيْرَ اللُّغَاتِ عَلَى الْمَدَى * دِيناً وعِلْماً مُسْعِدَ الإِنْسَانِ
وَمَضَى الدُّعَاةُ بِهَا وَفِي أَيْدِيهِمُ * نُورُ الْهِدَايَةِ سَاطِعُ اللَّمَعَانِ
نَشَرُوا بِهَا الإِسْلاَمَ يُشْرِقُ ضَاحِياً * ضَمِنُوا بِهِ وَبِهَا هُدَى الْعُمْرَانِ
فَتَفَتَّحَتْ لِلدِّينِ وَالْعِلْمِ النُّهَى * وَشَدَا بِحُسْنِ الْخُلْقِ كُلُّ لِسَانِ
وَتَنَاسَلَتْ كُلُّ الْعُلُومِ بِفَضْلِهَا * لِسَلاَمَةِ الأَرْوَاحِ والأَبْدَانِ
وَغَدَتْ حَضَارَتُنَا مِثَالاً يُحْتَذَى * فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَكُلِّ مَكَانِ
لَكِنْ رَمَتْهَا فِي الْحَيَاةِ مَصَائِبٌ * فَتَرَاجَعَتْ مُجْتَرَّةَ الأَشْجَانِ
الْبَعْضُ مِنْهَا مِنْ يَدَيْ أَبْنَائِهَا * وَالْبَعْضُ مِنْ غَرْبٍ عَنِيدٍ شَانِي
لَكِنَّ بَعْثاً مُحْيِياً أَوْصَالَهَا * قَدْ هَبَّ فِي حَزْمٍ وَفِي غَلَيَانِ
وَالْيَوْمَ فِي دُنْيَا الْعُرُوبَةِ نَهْضَةٌ * عَرَبِيَّةٌ عِلْمِيَّةُ التَّحْنَانِ
وَمَجَامِعٌ لُغَوِيَّةٌ وَمَعَاهِدٌ * لِلْعِلْمِ قَدْ قَرَّتْ بِهَا الْعَيْنَانِ
الضَّادُ مِنْ آلاَئِهَا فِي نِعْمَةٍ * وَالْعِلْمُ يَعْلُو ثَابِتَ الْبُنْيَانِ
سَتُعِيدُ أُمَّةُ يَعْرُبٍ أَمْجَادَهَا * بَلْ تَسْتَزِيدُ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِي
إِنِّي لَأُبْصِرُ نَهْضَةً عِمْلاَقَةً * لاَ، لَنْ يَكُونَ لَهَا الْمَقَامُ الثَّانِي
فَكَمَا تَفَرَّدَ فَجْرُهَا بِمَقَامِهَا * سَتَنَالُ فِي غَدِهَا أَجَلَّ مَكَانِ
قَادَتُهَا رُسُلُ الْخَلاَصِ وَشَعْبُهَا * حَيٌّ نَشِيطٌ لَيْسَ بِالْوَسْنَانِ
وَاللهُ قَدْ حَفِظَ الْكِتَابَ وَأَهْلَهُ * فَالضَّادُ فِي أَمْنٍ وَفِي اطْمِئْنَانِ
عن موقع مجلة التاريخ العربي