طرح جميل , و تساؤل يستحق النظر ..
(تيمة) ..
يكاد ينحصر جواب التساؤل الأول في مدلول لفظة (شعر) , (شاعر) ..
فنحن أمام مصطلح مفعم بالكثير من المشاعر و الأحاسيس ,,
و ليس الشعر سوى (شاعرية) .. و الشعر الذي تنزع منه العواطف ليس شعراً بإجماع علماء اللغة .. و إنما يسمى نظما .. و من ذلك الألفيات التي تستذكر بها العلوم ..
,, حينما يروي القاص قصةً , أو ينظم الشاعر قصيدةً .. فهي لا تخرج عن إطار الأغراض الشعرية و الأدبية التي حصرت في الكتب النقدية ..
و للشاعر الحق في وصف أي شيء ,, كائناً ما كان ,, و لكن ليس لنا أن نصدق كل ما يقول ,, و الشاعر تاجر بضاعته الكلام ..
و لأن مدار الأدب هو (الإحساس المرهف و الشعور المفعم) .. فإن شعور الإنسان يكون لأمور تعتلج في صدره , جراء ألم يحصل له , أو موقف وقع فيه , أو صورة شاهدها ,, أو (حدس) يرجوه ,, فتبعاً لذلك ينتج أدباً شعراً كان أم نثرا ..
و لقب (شاعر) ليس مجانياً؛ يطلق على كل من وزن كلمات أو وحَّد قوافٍ ,, و إنما هو مشتق من الشعور ,, و ليس أي شعور و إنما هو الشعور الفائض عن الحد , فيكون ما نضح من ذلك الشعور متساقطاً على شكل كلمات حرّى أو أسجاع متدفقة متدافعة , أو قصيدة حية متوقدة ...
بسبب هذه القضية تعددت المذاهب الأدبية و تعاقبت ,, فهناك من يريد أدباً واقعياً يحكي الحياة كما هي , و يدعو إلى المثالية في العيش ,, و هذا هو الكلاسيكي ,
و من ثم عاقبه الرومانسي (الرومانتيكي) الذي يدعو إلى الجنوح نحو الخيال , مغرقاً في الذاتية ,, يرى العالم بصورة سوداء قاتمة , و لذا فترى الشعر (الوجداني الحديث) مليء بالآهات و الآلام , و تلمح فيه الوجه المسود الكئيب ,
و من ثم ظهر المذهب الذي يدعو إلى الفن لذاته (الفن للفن) أو البرناسي .. و الواقعي و العبثي ,, إلى آخر هذه المذاهب التي ارتابت في فهم الأدب و وظيفته ..
لكن الشاعرية وحدها كفيلة برسم لوحات فنية إبداعية سواء عايشتها من قبل أم لم تعايشها ..
و لك أن تنظر إلى الشعراء الأقدمين , كبشار بن برد الذي أدهش النقاد بدقة وصفه , و روعة تصويره ,, حتى إنه يصف أموراً لا يدرك كنهها إلا المبصرون , فيبدع في ذلك و يفوق المبصرين جميعاً ,, و هو أعمى لا يرى من سبيله شيئا ..
إنها الشاعرية ,
ـ[السمو]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 10:30 م]ـ
----------------------
-----------------
----------------------
أما القضية الأخرى , التي يدور رحاها على الحدود التي تؤطر الأدب و تنظمه ..
فهي بصورة عامة و في كل مجتمع و عصر تخضع للمعايير الاجتماعية و الثقافية و الفكرية و الدينية و السياسية ,, و إن جاوزت شيئاً من ذلك فقد استحقت الرد ..
لكن طبيعة الشعر و جوهره الذي ينبع من شيء خفي هو الشعور , لا يستطيع أحد السيطرة عليه أو فرض حدود له , و من هنا نرى أن للشاعر جناحان يطير بهما حيثما أراد ,, حتى و إن كان في السجن ..
ثلاثة أمور تثير القارئ , هي التي تحفز الكاتب في الكتابة سواء بحثاً عن الشهرة , أو رغبة في تغيير فكر , أو تجديد فكرة ,.
(الدين , السياسة , الجنس) ..
و غالباً يكتب الكاتب فيها مستعيناً بثقافة (أجنبية) تلهمه أفكاراً يواجه بها المجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة ,
و من كتب فقد استهدف ,
الأدب السياسي بوجه عام يثير كوامن النفوس و يؤجج الصراع بين الأحزاب السياسية المختلفة , و هو وسيلة للمساجلات السياسية ..
كما أنه وصف للحالة المتردية التي يعيشها الشعب المعني و يكون عادة بصورة ساخرة , و لا يستطيعه إلا الجريء فيواجه ملاحقات , و يلقى اضطهاداً و عذاباً أليما , مما يحرص الجمهور على متابعة أعماله , و قراءة أدبه ,, و من ذلك الشعراء قديماً و حديثا , و من أشهر العصور (الأموي) الذي تعددت فيه الفرق و ازدادت الفرقة بينها ,,
و من الشعراء الذين لا زال يحرص الناس متابعة إنتاجهم أحمد مطر , و ذلك حسب وصف الكثير (يلمس بيده الجراح) ..
ومن الروائيين عبدالرحمن منيف ,
أما الدين فهو الحمى الحرام , إلا أنه استبيح هذه الأيام فلا يكاد ينصرم يوم إلا و مقالة هنا أو هناك في صحفنا ترميه بشتى التهم و المساوئ ,
الغرض من مهاجمة الدين إما جهل , أو خبث ,, و كلاهما خطأ مشنع ,
¥