هَذَا الْحَدِيث كَانَ عِنْد الزُّهْرِيِّ عَلَى وُجُوه كَثِيرَة , كُلّهَا قَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ فِي قِصَّة الْخَاتَم , فَرَوَى شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَرِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ هَذِهِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِق " وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ " كَانَ خَاتَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرِق فَصّه حَبَشِيّ " وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ نَصْرِ بْنِ حَاجِبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَقَالُوا " إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّة فِي يَمِينه , فِيهِ فَصّ حَبَشِيّ جَعَلَهُ فِي بَاطِن كَفّه " وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظٍ آخَر قَرِيب مِنْ هَذَا , وَرَوَاهُ هَمَّامٌ عَنْ اِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا عِنْد الزُّهْرِيِّ فَالظَّاهِر أَنَّهُ حَدَّثَ بِهَا فِي أَوْقَات فَمَا الْمُوجِب لِتَغْلِيطِ هَمَّامٍ وَحْده؟. قِيلَ: هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا تَدُلّ عَلَى غَلَط هَمَّامٍ , فَإِنَّهَا مُجْمِعَة عَلَى أَنَّ الْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ فِي اِتِّخَاذ الْخَاتَم وَلُبْسه , وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا نَزْعه إِذَا دَخَلَ الْخَلَاء. فَهَذَا هُوَ الَّذِي حَكَمَ لِأَجْلِهِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظ بِنَكَارَةِ الْحَدِيث وَشُذُوذه. وَالْمُصَحِّح لَهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنهُ دَفْع هَذِهِ الْعِلَّة حَكَمَ بِغَرَابَتِهِ لِأَجْلِهَا , فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ مَنْ ذُكِرَ فَمَا وَجْه غَرَابَته؟ وَلَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ مُوَافِق لِلْجَمَاعَةِ , فَإِنَّهُ صَحَّحَهُ مِنْ جِهَة السَّنَد لِثِقَةِ الرُّوَاة , وَاسْتَغْرَبَهُ لِهَذِهِ الْعِلَّة وَهِيَ الَّتِي مَنَعَتْ أَبَا دَاوُدَ مِنْ تَصْحِيح مَتْنه , فَلَا يَكُون بَيْنهمَا اِخْتِلَاف , بَلْ هُوَ صَحِيح السَّنَد لَكِنَّهُ مَعْلُول. وَاللَّهُ أَعْلَم." انتهى بلفظه، ولعلك ترى هذا النص مشكول الأحرف مما يوضح قصدي في نقل النصوص كما هي سواء مشكولة الأحرف أم لا.
أرجو أن يكون اتضح المطلوب من السؤال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.