ـ[إبراهيم السعوي]ــــــــ[20 - 03 - 07, 10:00 م]ـ
من خلال القراءة في الكتاب الفذ " التراتيب الإدارية " للكتاني وقفت في (2/ 201ـ 210): على كلام حول حصر أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعددها، وهل أحد جمعا بين دفتي كتاب فأحببت أن يقف عليها الأخوة في الملتقى المبارك.
لا يخفى أن إحصائها غير ممكن ضرورة؛ لأن الصحابة لم يحصوا إلى على وجه التقريب، فالناس في القرن الأول لم يعتنوا كل الاعتناء بالتدوين، كيف وفي الصحيح أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك، وأصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثير لا يجمعهم كتاب حافظ.
ففي ألفية العراقي: والعد لا يحصرهم فقد ظهر سبعون ألفاً بتبوك وحضر
أربعون ألفاً وقبض عن دين مع أربع آلاف تنص
وليكن بعلمك مقدار ما كان الأئمة يحفظونه من الأحاديث، قال أبو بكر بن أبي شيبة: من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء لم يعد صاحب حديث. و قيل لأحمد بن حنبل: إذا كتب الرجل مائة ألف حديث له أن يفتي؟ قال: لا، فمائتي ألف، قال: لا، قيل فثلاثمائة ألف؟ قال: أرجو.
في " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " للسفاريني (1/ 465) وقال عبد الوهاب الوراق: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وأي شيء بان لك من فضله وعلمه على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة فأجاب فيها بأن قال حدثنا وأخبرنا وروينا.
وإلى هذا أشار الإمام الصرصري في لاميته بقوله:
حوى ألف ألف من أحاديث أسندت وأثبتها حفظا بقلب محصل
أجاب على ستين ألف قضية بأخبرنا لا من صحائف نقل
قال السفاريني: وهذه لا يعلم أحد من أئمة الدنيا فعلها.
ثم قال وفي " كشف الظنون " (1/ 597) لدى كلامه على " جمع الجوامع ": لا مجال إلى دعوى الاحاطة والاستيعاب لتعذر الوصول إلى جميع المرويات والمسموعات. هـ
وقال أبو زرعة الرازي: كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، قيل له وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
ثم ذكر ما يحفظه كل إمام ممن عرف عنه كثرة الحفظ للحديث النبوي، كالبخاري ....
ثم ناقش من يشكك بهذه النقول، وهذه الكثرة للحديث النبوي. ويقول أين هي الآن!
ومما قاله: ما علقه البيهقي على قول أحمد بن حنبل: صح من الحديث سبعمائة ألف. بقوله: أراد ما صح من الأحاديث وأقاويل الصحابة والتابعين.
قال أراد البيهقي: أن مرادهم بهذه الأعداد العظيمة ما يشمل السنة وآثار الصحابة والتابعين، أو أنهم كانوا يريدون طرق الحديث المتنوعة فيجعلون لكل طريق ورواية للحديث حديثاً .....
ثم ذكر كلاماً نفيساً في هذا الموضوع يستحسن الرجوع إليه.
• هل تصدى أحد من المتأخرين لجمع السنة (2/ 208):
قال السيوطي في طليعة كتابه " الجامع الصغير " المشتمل على عشرة آلاف وتسعمائة وأربعة وثلاثين حديثاً: حوى من نفائس الصناعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب وسميته " الجامع الصغير " لأنه مقتضب من الكتاب الكبير الذي سميته " بجمع الجوامع " وقصدت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها.
علق عليه المناوي في شرحه " فيض القدير " (1/ 17) بقوله: هذا بحسب ما اطلع عليه المؤلف لا باعتبار ما في نفس الأمر لتعذر الإحاطة بها وإنافتها على ما جمعه الجامع المذكور لو تم، وقد اخترمته المنية قبل إتمامه.
قال: وكتاب " جمع الجوامع " المذكور كتاب عظيم الشأن لم يؤلف في الملة مثله اشتمل على نحو ثمان مجلدات ضخمة سبر ألفاظ النبوة ويشر للناس الوقوف على كلام نبيهم الكريم، وعرفهم بمخريها، ومظان أسانيدها ورواتها فمنته على جميع من تأخر بعده من المسلمين عظيمة.
وعدد أحاديثه على ما في صدر " الدرر اللوامع " على أحاديث جمع الجوامع لأبي العلاء العراقي الحسيني (ت 1183) مائه ألف حديث.
وأبو العلاء له اهتمام بهذا الكتاب فله كتاب بالتعريف برجال الجامع، وآخر تذيل عليه، مع " الدرر اللوامع "، وآخر خصه بإستدركاته على الجامع.
وقال في (2/ 215): لا أعلم في الإسلام من اهتم بجمع الأحاديث فوصل جمعه إلى العدد الذي بلغه السيوطي إلا ما رأيته في " كشف الظنون " في ترجمة الحافظ الحسن بن أحمد بن محمد السمرقندي (ت 491) له كتاب جمع فيه مائه ألف حديث ورتبه وهذبه ولم يقع في الإسلام مثله. واسمه " صحاح المسانيد، وهو في ثلثمائه جزء كبار.
• وبما أن من أعظم الموسوعات الحديثية " المسند " للإمام لأحمد بن حنبل تكلم عن عدد أحاديث وصحته (2/ 207):
قال: ذكر أبو محمد العراقي فيما وجدته بخطه على أول نسخة بخط أحد سله عندي من مسند أحمد: أن المسند فيه أربعون ألف حديث، ولم يلتزم الصحة فيه، وإنما أخرج فيه من لم يجتمع الناس على تركه، وليس كل ما فيه صحيحاً خلافاً لمن زعمه.
وفي حواشي أبي الحسن السندي على المسند نقلاً عن ابن عساكر أن عدد أحاديثه تبلغ ثلاثين ألفاً سوى المعاد، وغير ما ألحق به ابنه عبد الله.
أما المقولة التي تنقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أن هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة. قال أبو المكارم على بن شهاب الظاهر أن هذا القول موضوع على الإمام أحمد لأن في الكتاب الصحيح من الأحاديث من لم يوجد في المسند مع الإجماع على حجتها.