قلت: لعل ابن أبي حاتم ظنَّ أن «صالح الطَلحي» هو صالح بن إبراهيم، وليس كذلك، نعم وقع في رواية الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: «صالح الطَلحي ليس حديثه بشيء» () إلا أن هذا هو في الغالب في «صالح بن موسى الطلحي» ودليل ذلك أنه جاء في موضع، في نفس رواية الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: «صالح بن موسى ليس بشيء» () وهكذا أيضاً جاء منسوباً في (سؤالات ابن () الجنيد) حيث قال: «سألت يحيى بن معين عن صالح بن موسى الطلحي فقال: «ليس بشيء».

وأيضاً البخاري في (التاريخ الكبير) () وأبو حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) () وابن حبان في (الثقات) () قد ترجموا لـ «صالح ابن إبراهيم بن محمد بن طلحة»،ولم يذكروا في ترجمته إلا أنه قد روى عن أبيه، وروى عنه ابن طلحة.

وعلى هذا فالأقرب أن صالح بن إبراهيم مجهول، وصالح بن موسى معروف مشهور إلا أنه متروك.

وبهذا التحقيق يظهر في الغالب وهم ابن الجوزي،وابن حجر، وابن أبي حاتم، وصواب ما تعقب به الشيخ سليمان على الإمام الذهبي.

ثانياً: تعقبه على الحافظ ابن حجر في توثيقه لراو ٍمجهول.

قال الإمام الذهبي: «حُجَيْر بن عبد الله الكِندي، تابعي مجهول حسَّن الترمذي حديثه» ().

قال الشيخ سليمان: «قلت: قد ذكر ابن حجر في تقريبه: أنه ثقة، وما علمت أحداً وثقه أو جرحه، فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه، وسكوت أبي داود عليه، وليس له عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، إلا حديث واحد، وهو حديثه، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَينْ… الحديث» ().

قلت: حُجَيْر بن عبد الله الكندي، تفرد بالرواية عنه، دَلْهم بن صالح الكندي، ودَلْهم ضعيف ()، وحُجَير بن عبد الله، حكم بجهالته ابن عدي، فقال كما في ترجمة دَلْهم بن صالح:

«حُجَيْر ليس بالمعروف» () وقال الذهبي في (ميزان الاعتدال) ():

«حُجَير بن عبد الله، يُجهل، وحسن له الترمذي» وقال في (ديوان الضعفاء ()): «تابعي مجهول».

والعجب أن الحافظ ابن حجر نقل في (تهذيب التهذيب ()) تجهيل ابن عدي لحُجَير بن عبد الله، ثم يقول في (تقريب التهذيب ()): «مقبول».

فلعل السبب في ذلك ما قاله الشيخ سليمان: «فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه، وسكوت أبي داود عليه».

والراجح في حُجَير بن عبد الله الكِندي، أنه مجهول، ولم يوثقه سوى ابن حبان ()،وهو معروف بتساهله في توثيق المجاهيل.

وبه يعلم مقدار معرفة الشيخ سليمان بعلم الرجال، فقد قال:

«ما علمت أحداً وثقه أو جرحه» وبه يعرف أيضاً مقدار معرفة الشيخ سليمان، بقواعد أئمة الحديث، ومن ذلك قوله: «فلعله وثقه بسبب تحسين الترمذي لحديثه وسكوت أبي داود عليه».

وهذا يعرف بـ (التعديل الفعلي)، أو (التوثيق الضمني) وهذا يحتاجه الأئمة في الراوي، إذا كان تابعياً، ولا يُعرف بجرح ولا تعديل، وقد صحح حديثه الترمذي، أو النسائي، أو ابن خزيمة، فيوثق بناءً على ذلك، و هذا من التوثيق المعتد به.

وحُجَير بن عبد الله كما قال الشيخ سليمان:

«ليس له عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، إلا حديث واحد، وهو حديثه عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَين … الحديث».

وهذا الحديث أخرجه أحمد ()، وأبو داود ()، والترمذي ()، وابن ماجه ()، وابن أبي شيبة ()،من طرق عن وكيع، عن دَلْهم بن صالح، عن حُجَير بن عبدالله عن ابن بريدة، عن أبيه، أن النَّجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم خُفين أسودين سَاذَجَين ()، فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما».

وهذا إسناد ضعيف، دَلهم بن صالح الكندي ضعيف، وحُجَير بن عبد الله الكندي مجهول، وتساهل الترمذي فقال: «هذا حديث حسن» ().

وأخرج البيهقي، عن أبي عبد الله الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن العباس بن محمد الدوري، عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خُفيه، قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة، ومن أين كان للنبي صلى الله عليه وسلم خُفَّان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النَّجاشي ()» قال البيهقي: «وهذا شاهد لحديث دَلْهم بن صالح».

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015