مثال ذلك: أنه أخرج من حديث أبي قتادة الأنصاري: ?? أَنَّ رَسُولَ اللهِ (سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمَ بُعِثْتُ ??.
انظر الترجمة!! قال مسلم: وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: ?? وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ?? فسَكَتْنَا عن ذِكر يوم الخميس لِمَا نراه وهمًا.
--------------------------------------------------------------------------------
كلام صريح! يقول: تركتُ ذكر يوم الخميس لأني أعتبر أن هذه الزيادة وهمًا؛ هنا صرَّح مع أنه أورد الحديث بالإسناد الذي فيه هذه اللفظة، لكن لو حذفها من المتن وصرح لما حذفها من المتن وهي لكونها وهمًا؛ هذا في كتاب " الصحيح ".
الطريقة الثانية لإبراز العلة في " الصحيح ": أن يحذف موطن العلة من الحديث ولا يصرح به.
وهذه أكثر غموضًا؛ الأولى يحذف ويُصَرِّح، الثانية يحذف ولا يصرح.
مثال ذلك: الحديث الذي ذكرنا أنه ذكره في كتاب " التمييز " وأعله وهو حديث أخرجه من طريق الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي (أنه قال في حديث: ?? فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ??.
أخرجه من طريق ابن عيينة ولم يذكر لفظ ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة قال بدل كلمة ?? فَأَتِمُّوا??، ??فَاقْضُوا ??. بَيَّن الإمام مسلم في " التمييز " أن هذه اللفظة وهم وأنها ليست صحيحة، ولذلك سكت عنها في صحيحه ولم يورد لفظ ابن عيينة.
حتى لا يقول قائل: ما أدراكم أنه لما سكت سَكَتَ للاختصار؟
نقول: لا، صرح في كتابه " التمييز " أنها وهم، ولذلك تركها، وبذلك نعرف أن من منهج الإمام مسلم أنه إذا سكت عن اللفظ ربما سكت عنه لأنه وهم وخطأ، وليبين أنه فيه علة؛ هذا منهج آخر للإمام مسلم في بيان العلل.
الطريقة الثالثة: أن يُخْرِج طرفًا من الرواية المُعَلَّة ويختصر باقيها.
ومن أمثلة ذلك: الحديث المشهور حديث الإسراء والمعراج الذي أخرجه البخاري كاملًا؛ رواية شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن أنس بن مالك (، وقد أورد الإمام البخاري هذه الرواية كاملةً، أما مسلم فأخرج هذا الحديث أول السند وبداية المتن، يعني اكتفى بقوله:
--------------------------------------------------------------------------------
?? سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ... ??
وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَّرَ وَزَادَ وَنَقَصَ.اهـ.
انظر!! يشير إلى مخالفات شريك بن أبي نمر لثابت البناني: اكتفى بسياق الإسناد وطَرَف المتن، واختصر المتن، وبَيَّنَ أن هناك خلاف بقوله أن شريك قدَّم وأخر في المتن وزاد ونقص.
وهذه إشارة صريحة وواضحة منه إلى أنه إنما ترك هذا اللفظ لما فيه من المخالفات لرواية ثابت البناني، ثابت من أوثق الناس في أنس بن مالك، فحديثه يُقدم على حديث شريك بن أبي نمر.
الطريقة الرابعة: أن يذكر الإسناد دون المتن.
ولذلك أمثلة متعددة يمكن ترجعون إلى " هدي الساري " ((1) انظر هدي الساري ص377، ص402.1)، الحافظ ذكر أن هذا منهج الإمام مسلم وضرب له أمثلة، إذًا حتى الحافظ ابن حجر كما ذكرنا ممن يرى أن الإمام مسلم أخرج أحاديث مُعلَّة بدليل هذين الموطنين في " هدي الساري ".
الطريقة الخامسة: من طرائق الإمام في بيان العلة أن يذكر الشيء وضده.
--------------------------------------------------------------------------------
¥