يعني: الذي فيه هذه الزيادة، هذا فيه إشارة إلى أن هذا الحديث كان في صحيح البخاري، وأن البخاري لأنه مرسل وكان قد أورده في كتابه، وبيَّن أنه مرسل قال: اضربوا عليه، وكأن البخاري كان في أول تصنيفه يورد الأحاديث التي فيها علل منبهًا على عللها، ثم صار يضرب على الأحاديث حديثًا حديثًا وبقيت هناك أحاديث ببيان عللها في كتابه.

الغريب طبعًا هذه العبارة ما شرحها الحافظ أصلًا في الفتح، ما تطرق إليها، تكلم عنها قليلًا العيني شرحها شرح يسير العيني في كتابه " عمدة القاري" هذا التوجيه الأول لإيراد الإمام البخاري للأحاديث المُعلَّة.

الجواب الثاني: أن الحافظ بن حجر بيَّن أن الإمام البخاري قد يورد الأحاديث التي فيها علل لأسباب قال:

1 - إذا كان الحديث من بعض وجوهِهِ صحيحًا فإن البخاري قد يخرج الوجه الصحيح، وغيره – أي وغير الصحيح- اكتفاء بالصحيح، يخرج الصحيح ويخرج غير الصحيح، لكن هو مكتفي بالوجه الصحيح، هذا التوجيه الأول وذكره الحافظ بن حجر في " هدي الساري" وفي " الفتح ".

2 - الوهم اليسير في متن الحديث لا يقدح في الحديث خاصةً إذا أخرج البخاري كلا الوجهين.

--------------------------------------------------------------------------------

قال: قد يكون هناك وهم يسير في المتن، لا يعتمد عليه البخاري في الاستنباط وإنما يعتمد على الجزء الذي ليس فيه وهم كما ذكرنا سابقًا، قال: هذا الوهم اليسير الذي لا يؤثر في الحديث لا يقدح في صحة الحديث ويورده البخاري وقد يورد الرواية التي ليس فيها وهم كما فعل أيضًا في حديث جمل جابر.

3 - قد يخرج البخاري حديثًا منقطع إذا أخرج المتصل من وجه آخر، هذه قضية مهمة، أنك قد تجد الحديث في صحيح البخاري وهو منقطع عند البخاري؛ لأنه أخرجه متصلًا من وجه آخر، فهو اعتماده على الوجه المتصل، لا على الوجه المنقطع، فليس كل إسناد في صحيح البخاري يلزم أن يكون متصلًا، هذا الأصل، ونعتمد عليه إلا إذا جاء ما يدل على أن هذا الحديث أورده البخاري مع علمه بانقطاعه لأنه اعتمد أنه أيضًا أخرج من وجه آخر متصلًا.

4 - قد يقصد البخاري من إخراج الوجهين بيان الاختلاف لا للاحتجاج بكلا الوجهين، قد يخرج الوجهين والاختلاف لبيان أن هذا الحديث وقع فيه اختلاف، وقد لا يكون يحتج بكلا الوجهين - وهذا غريب، وهذا ذكره الحافظ بن حجر وهو أعرف الناس بصحيح البخاري كما هو معروف - ومن ذلك أنه قد يخرج المنقطع أو المتصل ليبين أنه يعني هذا وجه آخر قد يتعلق بما سبق أنه يرجح المتصل.

قبل أن ننتقل من هذه المسألة مسألة العلل نتكلم عن كتاب التتبع بكلام يسير:

--------------------------------------------------------------------------------

الذي ذكرناه كتاب التتبع للدار قطني الذي بيَّن فيه علل بعض الأحاديث نقول: ننبه إلى مسألة مهمة وهو أنه ليس كل ما في كتاب التتبع أحاديث يرى الدار قطني أنها ضعيفة في البخاري ومسلم فبعض الأحاديث التي يذكرها الدار قطني في كتاب التتبع إنما أوردها لبيان الاختلاف فقط، يعني قد يكون الدار قطني نفسه يرى أن الحديث صحيح من الوجه الذي أورده البخاري، لكن يريد ينبهنا إلى أن الحديث قد وقع فيه اختلاف، وهذا صرَّح به الدار قطني نفسه في بعض الأحاديث، وقد يورد بعض الأحاديث من باب الإلزام فهي كان ينبغي أن تُذكر في كتاب الإلزامات، لكن معروف أن العلماء قد يستطرد فيذكر أشياء ليست من شرط الكتاب، فيذكر ويقول: هذا الحديث يلزم البخاري إخراجه وهو ليس في البخاري أصلًا، وإنما يُلزم البخاري بإخراجه، وقد نتكلم عن قضية الإلزام إذا سنحت الفرصة.

--------------------------------------------------------------------------------

أكثر الأحاديث التي ينتقدها الدار قطني انتقادها راجع إلى الصنعة الحديثية؛ يعني يكون المتن لا خلاف عند الدار قطني في أنه صحيح، لكن بعض الرواة رواه عن حماد بن سلمة، وبعضهم رواه عن حماد بن زيد، فيرى مثلًا أن رواية حماد بن زيد هي الأصح وأن البخاري أورده برواية حماد بن سلمة التي هي مرجوحة، المتن لا خلاف في صحته مروي من وجوه كثيرة صحيحة وإنما يخالف في هذا الإسناد يرى أنه لا يصح من هذا الوجه، فهو في الصنعة لا في نقد المتن، وإنما في نقد السند، أكثر انتقادات الدار قطني من هذا الباب، فلا يَهُولَنَّك إنها مائتين ولَّا مائة ولَّا خمسين أكثر هذه، في مسلم كما سيأتي عدد المتون المنتقدة عند الدار قطني لا يتجاوز ثمانية أحاديث وحسب إحصائي السريع غير الدقيق في البخاري لعلها لا تتجاوز خمسة أحاديث المتون التي ينتقدها الدار قطني ويبقى إنه قد يكون الراجح قول البخاري وطبعًا نحن نتكلم عن الدار قطني فقط، وإلا هناك علماء آخرون كما ذكرنا انتقدت البخاري ومن حق العالم المتأخر أنه يرجح أحد القولين على الآخر.

تكون الأسئلة في بداية الدرس القادم بإذن الله تعالى غدًا في أول الدرس نقرأ الأسئلة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015