--------------------------------------------------------------------------------
يقول الإمام مسلم: وهذه رواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا، إنما وقع في الخطأ من هذه الرواية أنه أخذ الحديث من كتاب موسى بن عقبة إليه فيما ذكر، وهي الآفة التي نخشى على من أخذ الحديث من الكتب من غير سماع من المحدث أو عرض عليه (?).
ومن الجدير بالذكر أن هذه الأنواع المذكورة – المقلوب والمدرج، والمصحف – إنما هي في حالة ما إذا ترجح وجه من الوجوه المختلفة، فيكون المرجوح إما مقلوبا أو مدرجا أو مصحفا، لكن النقاد قليلا ما يسمونه بهذه الأسماء، وكثيرا ما يطلقون عليه الخطأ أو الوهم أو غير محفوظ أو لا يصح أو غريب أو منكر.
وأما إذا لم يترجح شيء منها ولم يجمع بينها على طريقة المحدثين النقاد فيقال: هذا حديث مضطرب، وها نحن الآن نفصله في الفقرات التالية.
المضطرب
المضطرب هو الحديث الذي تختلف فيه الرواة مع اتحاد مصدرهم، ولم يستقم التوفيق بينهم ولا الترجيح على طريقة المحدثين النقاد، وإن كان ذلك ممكنا على التجويز العقلي المجرد، وأما إذا كان مصدر الروايات متعددا، أو أمكن التوفيق بينها أو ترجيح رواية من الروايات المختلفة على القواعد النقدية الحديثية فلا يعد الحديث مضطربا.
وإن كانت أمثلة الترجيح قد سبق ذكرها في ضمن مصطلحات العلة، وأمثلة الاضطراب سيأتي ذكرها قريبا، فإن صورة الجمع بين الروايات المختلفة وأمثلتها بحاجة إلى معرفتها في هذه المناسبة حتى يكون منهج المحدثين في معالجة ظاهرة الاختلاف في رواية الحديث واضحا بجميع جوانبها وأبعادها.
وأما مثال الجمع بين الروايات المختلفة فحديث: أفطر الحاجم والمحجوم الذي رواه جماعة من الرواة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس، وخالفهم بعض الرواة فرووه عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان (?).