نقول: ممكن أن يقع الاستثناء في أمر أو أمرين، أما هنا فقد تضافرت أمور كثيرة من شأنها أن تضعف الثقة بهذا المخطوط المزعوم، وهي:

1 - كتابة قيد الفراغ.

2 - طريقة الكتابة.

3 - نمط الخط.

4 - جهالة الناسخ المزعوم (إن كان له وجود أصلاً).

5 - تفرد بتأدية هذا المخطوط المزعوم إلينا رجل ينتسب إلى طائفة هندية منحرفة أشد الانحراف في مسألة الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يخفى أن جل الأحاديث المنقولة فيه مما يؤيد بدعته وغلوه، والراوي عنه (الحميري) حاله قريب منه، فالإسناد مسلسل بِـ .....

6 - أسانيد الأحاديث ومتونها، وتأتي.

فكل هذه قرائن تزيد من وهن الكتاب الخالي أصلا من أدنى مقومات التوثيق، وقضية التأريخ الهجري تجعلني اطمئن أكثر أنه وُضع في عصرنا الحالي (5).

----------------------------------

تعليق (5): هذا ما كنتُ كتبتُه أولاً، ثم تبيّن صدق حدسي بعد شهادة الشيخ الكمداني وفقه الله، وتبيّن أن النسخ المدعى كان ما بين الهند والاتحاد السوفييتي! ولا شأن لبغداد بذلك، ولا القرن العاشر!

-----------------------------------

خامساً:

بدأ الكتاب في هذه النسخة الموضوعة هكذا: باب في تخليق نور محمد صلى الله عليه وسلم، وأضاف الحميري قبله (كتاب الإيمان) من عنده، ثم بدأ كتاب الطهارة، فهل واقع مصنف عبد الرزاق كذلك في التبويبات؟

إن المعلومات التي لدينا تشير إلى أن الباب الأول مفترى جملة وتفصيلاً، فالظاهر أن المصنَّف (الحقيقي) يبتدئ بكتاب الطهارة، فقد نص في كشف الظنون أن الكتاب مرتب على أبواب كتب الفقه، وهي تبدأ بالطهارة، ولما نقل ابن خير الإشبيلي في فهرسته (ص129) عن الحافظ أبي علي الغساني تسمية أبواب المصنف في رواية ابن الأعرابي عن الدبري للكتاب بدأ بكتاب الطهارة، وسرد أبواب الكتاب، وليس فيها كتاب الإيمان ولا ما يمكن أن يدخل تحته باب تخليق نور النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أجد أحداً عزا هذين الباب أو الكتاب لعبد الرزاق على مدى الزمن.

سادساً:

صدّر الحميري الكتاب بقوله: "إسنادي إلى مصنف الإمام عبد الرزاق الصنعاني".

وساق سنده بالإجازة، وتصرفه هذا فيه إيهام من لا يعرف الشأن بأن الكتاب الذي بين أيدينا متصل السند، وفيه تغرير بثبوته، وليس كذلك! ولا سيما أن الكتاب موجه في الغالب إلى أمثال الحميري من عوام مشايخ الطرق الذين لا شأن لهم ولا بصر في الحديث.

ومع ذلك فقد وقع الحميري في عدد من الأخطاء والملاحظات في سنده، تدل على جهله حتى في هذا الرسم!

فقد ساق السند من طريق مجيزنا الشيخ عبدالفتاح أبوغدة رحمه الله عن الكوثري، عن عبد الحي الكتاني.

وهذا الحميري لعله يجهل أن شيحه يروي عن عبد الحي الكتاني بلا واسطة! لكنه الغرام بالكوثري إمامه في التلبيس والتدليس ومحاربة السنة!

ومن المشين أن يروي الكتاب عن الشيخ أبي غدة وهو ممن يرى وضع حديث النور! ورفض إخراج الأربعين العجلونية لوروده فيه!

كما روى الحميري عن مجيزنا الشيخ عبد العزيز بن الصديق رحمه الله ونسبَه حُسينياً! وهو حسني! عن عبد الحي بن عبد الكريم (!) الكتاني، وهو ابن عبد الكبير.

وجعل الرواية عن عبد الله بن سالم البصري على (كذا) الزيادي، وهو يريد: علي الزيادي، وبينهما مفاوز! وعليه فسند الحميري ضعيف لانقطاعه! فضلاً عن أوهام صاحبه.

وحرّف عبد الوهاب بن منده إلى ابن منك!

وجعل ابن منده (أو ابن منك في رواية الحميري!) يروي المصنف عن محمد بن عمر الكوكبي عن الطبراني، وهذا غير دقيق، فقد رواه ابن منده عن الكوكبي، وعن أبي بكر محمد بن محمد بن الحسن الفقيه، وعن أبي عثمان سهل بن محمد، سماعاً على ثلاثتهم ملفقاً، عن الطبراني.

أما مسألة تفصيل السماع من الإجازة، ومسألة تحديد روايات قطع محددة من المصنف لم تقع من رواية الدبري عن عبد الرزاق فهذه أمور لا يكلّف بها من هو في مستوى الحميري بالرواية، والله أعلم.

وإزاء عدم ثبوت هذا الجزء المنسوب لمصنف عبد الرزاق، وتفرد الحميري بروايته فينبغي أن يطلق عليه (مصنف الحميري)، والله أعلم.

* * *

وبعد الكلام على المخطوط المزعوم يأتي الكلام على أسانيد ومتون النسخة، والله المستعان، وعليه التكلان.

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 02 - 06, 08:47 م]ـ

جزاك الله خيرا وبارك فيك، وليبشر واضعه بحديث (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015