والاستعمال الثاني هو المراد في كلام كثير من المتأخرين، وهو الذي ذكروه في كتب المصطلح، وهو مراد من تكلم عَنْ أهمية العلل ودقتها وقلة من برز فيها، وقد أشار إليه الحاكم في معرفة علو م الحديث (27)، وعرّفه ابنُ الصلاح بقوله” ((هو الحديث الذي اطلع فيه على علةٍ تقدحُ في صحته مع أنّ ظاهره السلامة منها)) (28)، وعرّفه ابنُ حجر بقوله “ ((هو حديث ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح)) (29).
وعليه يكون الحديث المُعل متفاوتاً من حيثُ الظهور والخفاء، والوضوح والغموض وقد يكون الكلام على الحديث المعل من حيثُ الصناعة الحديثية ولا يلزم من ذلك القدح في صحته، والله أعلم.
تنبيه:
يجتهد بعضُ طلبة الحديث-وفقهم الله- لالتماس تعريفٍ دقيقٍ للحديثِ المُعل من خلال كتاب علل ابن أبي حاتم فقط، وفي هذا عندي نظر: من جهة أنّ ابنَ أبي حاتم مات عَنْ الكتاب وهو مسودة لم يبيض (30) وقد أورد أحاديث استطراداً ليبين أحاكمها الفقهية (رقم1100، 1213، 1217)، أو العقدية (2/ 209رقم2118).
وللخروجِ بمعنى دقيق لا بدَّ من استقراء:
1. كتب العلل الخاصة، أو المتضمنة للعلل: كعلل ابن المديني، والترمذي والدّارقُطنيّ، وابن الشهيد مع علل ابن أبي حاتم، وكتاب التمييز لمسلم بن الحجاج وغيرها.
2. استعمالات الأئمة المتقدمين أمثال: شعبة بن الحجاج، ويحيى القطان، وابن المديني، وابن معين، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم بن الحجاج، ويعقوب بن شيبة، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والترمذي، والعقيلي .. إلى الدّارقُطنيّ.
v خطوات دراسة الحديث المُعل:
سننطلق في بيان هذه الخطوات من نصِ إمامين من أئمة العلل هما: الإمام أبو يوسف يعقوب بن شيبة السدُوسِي المتوفى سنة (ت 262هـ) (31)، والإمام أبو الحسن علي بن عُمَر الدّارقُطنيّ (ت385هـ) -رحمة الله عليهما-، قال عبدُ الغني بنُ سعيد الأزدي (ت 409هـ) ” ((ولم يتكلم أحدٌ على علل الأحاديث بمثل كلام يعقوب، وعلي بن المديني، والدّارقُطنيّ)) (32).
كلامُ يعقوب بنِ شيبة:
قال أبو القاسم علي بنُ الحسن ابن عساكر في تاريخه بعد أنْ ساقَ حديثَ "تابعوا بين الحج والعمرة" من طريق أبي يوسف يعقوب بن شيبة السدوسي قال” ((قال أبو يوسف: "تابعوا بين الحج" حديثٌ رواه عَاصِم بن عُبَيد الله بن عَاصِم بن عُمَر بن الخطاب وهو مضطرب الحديث، .........