قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: لا أَعْلَمُ لَهُ غَيْرَهُ. وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَةِ مُكَيْتِلٍ، وَفِيهِ أَنَّ ضُمَيْرَةَ وْابْنَهُ سَعْدَاً شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنَاً» اهـ.
قُلْتُ: يَعْنِي مَا أَخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ (4503): حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا حَمَّادٌ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ الضُّمَرِيَّ (ح) وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ السُّلَمِيَّ يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنَاً: أَنْ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَشْجَعَ فِي الإِسْلامِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي قَتْلِ الأَشْجَعِيِّ، لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ دُونَ مُحَلِّمٍ لأَنَّهُ مِنْ خِنْدِفَ، فَارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ، وَكَثُرَتْ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُيَيْنَةُ؛ أَلا تَقْبَلُ الْغِيَرَ»، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لا وَاللهِ؛ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نِسَائِهِ مِنْ الْحَرْبِ وَالْحُزْنِ مَا أَدْخَلَ عَلَى نِسَائِي، قَالَ: ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ، وَكَثُرَتْ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُيَيْنَةُ؛ أَلا تَقْبَلُ الْغِيَرَ»، فَقَالَ عُيَيْنَةُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضَاً إِلَى أَنْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، يُقَالُ لَهُ مُكَيْتِلٌ عَلَيْهِ شِكَّةٌ وَفِي يَدِهِ دَرِقَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ مَثَلاً إِلاَّ غَنَمَاً وَرَدَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا، اسْنُنْ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدَاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُونَ فِي فَوْرِنَا هَذَا، وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ»، وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَمُحَلِّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِي طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي بَلَغَكَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَاسْتَغْفِرْ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ بِسِلاحِكَ فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ، اللَّهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ»، قَالَهَا بِصَوْتٍ عَالٍ.
زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ، وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَزَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: هَكَذَا حَسَّنَهُ الْحَافِظُ، وَفِي إِسْنَادِهِ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ السُّلَمِيُّ، وَقَدْ تَفَرَّدَ وَلَمْ يُتَابَعْ، وَلَيْسَ لَهُ حَدِيثٌ سِوَاهُ.
مَعَ قَوْلِهِ عَنْهُ فِي «التَّقْرِيبِ» (1/ 219): «مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ».
قُلْتُ: وَهَذَا كَسَابِقِهِ فِي تَحْسِينِ حَدِيثِ الْمَقْبُولِ، مَعَ التَّفَرُّدِ وَعَدَمِ الْمُتَابِعِ.
¥