ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا
في كتاب الشيخ حمزة المليباري "علوم الحديث في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد"
ص32:
حاشية رقم (2)
من الجدير بالذكر أن النقاد لم يفرقوا بين المصطلحات، وأنهم لم ينشغلوا بتعريفاتها لتكون مضامينها محددة، وإنما جاء تحديدها في العصور المتأخرة حين احتاج الناس إلى ضبط المصطلحات الواردة عن النقاد القدامى، وتحديد معانيها، لبعدهم عن عصر النقد، بخلاف المتقدمين، فإنهم يفهمون معانيها بالخبرة والممارسة، دون حاجتهم في ذلك إلى التعريف المنطقي، وشأنه في ذلك شأن بقية العلوم الشرعية.
ولذلك فلا مانع لدى المتقدمين – لا لغوياً ولا اصطلاحياً – من إطلاق الصحيح على الحسن، والحسن على الصحيح، أو الجمع بينهما؛ كقول بعضهم: حسن صحيح، وإن كان ذلك مشكلاً عن المتأخرين، لكونهم قد ضبطوا معانيها من خلال تعريفات محددة، بحيث إذا أطلق مصطلح من المصطلحات لا يتبادر إلى الذهن إلى ذلك المعنى. وسيأتي إن شاء الله تعالى حدث خاص حول هذا الموضوع في نوع الحسن. ومن الجدير بالذكر أن الإمام الترمذي حين يحكي عن بعض النقاد
تصحيحه كان يقول: "قال فلان هذا حديث حسن صحيح " أو "هذا أحسن وأصح"، دون أن يلفظ ذلك الناقد بهذه الكلمة. فقد حكى الإمام الترمذي عن الإمامين: أحمد والبخاري تصحيحهما حديث المستحاضة الذي روته حمنة بنت جحش: بقوله: "حسن صحيح". دون أن يرد هذا اللفظ عنهما (سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد 1/ 226).
وأما لفظهما فكما ورد في علل الترمذي: " قال محمد (يعني البخاري): حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن، إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، لا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا، وكان أحمد بن حنبل يقول: هو حديث صحيح ". (العلل الكبير ص58، تحقيق السامرائي، ط1، 1409هـ، عالم الكتب، وسنن البيهقي 1/ 339).
وفي أثناء المقارنة بين السياقين يبدو واضحاً أن ما تضمنه السياق الثاني هو لفظ البخاري وأحمد، بخلاف ما ورد في السياق الأول، فإنه ورد مختصراً، اختصره الترمذي بأسلوبه المعروف في التعبير في التصحيح.
ومثال آخر: يحكي فيه الترمذي عن البخاري تصحيح حديث "البحر هو الطهور ماؤه": بقوله: "حسن صحيح". (شرح العلل 1/ 342 – 343، تحقيق الأستاذ نور الدين عتر). وفي الوقت ذاته قال الترمذي: سألت محمداً عن حديث مالك عن صفوان بن سليم في حدث "البحر هو الطهور ماؤه" فقال: "هو حديث صحيح" (العلل الكبير للترمذي ص41، وكذا في التمهيد لابن عبد البر 16/ 218). وقال الحافظ ابن حجر في هذا الحديث: "صحح البخاري – فيما حكاه عنه الترمذي في العلل المفرد – حديثه، وكذا صححه ابن خزيمة وابن حبان وغير واحد" (التهذيب 4/ 42).
وهذا كله يدل على توسعهم في إطلاق الألفاظ والمصطلحات، وأن الترمذي يقصد بقوله حسن صحيح ما يقصده غيره بقوله: صحيح" لا غير. والله أعلم.
ـ[أحمد الحافظ]ــــــــ[16 - 11 - 05, 11:05 م]ـ
حقق الدكتور نور الدين عتر بحث هذه المسألة بتوسع في كتابه " الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين " حتى خلص إلى النتيجة التالية:
قول الترمذي: " حسن صحيح " يفيد أنه تعددت أسانيد الحديث وبلغ درجة الصحة فجمع الحسن إلى الصحة ليبين أنه خرج عن درجة الغرابة.
والفرق بين هذا الرأي وبين قول الشيخ الجديع (كما جاء في التعليقة السابعة):
" أوجدنا النظر والتتبع لما حكم عليه من الحديث بذلك، أنه أراد به: الحديث من رواية الثقات العدول المتقنين، المحفوظ غير الشاذ، والذي جاء معناه من غير وجه "
الفرق بينهما أن الدكتور عتر يرى أن الحديث الذي حكم عليه الترمذي بالصحة والحسن معاً إما أن له إسناداً صحيحاً وروي من غير وجه، أو أن له طرقاً حساناً تعددت حتى بلغت درجة الصحيح. وعلى هذا فليس ما قال فيه الترمذي " حسن صحيح " أعلى مرتبة دائماً مما قال فيه " صحيح " فقط، خلافاً لما ذهب إليه الشيخ الجديع.
خلاصة القول أن الحسن عند الإمام الترمذي يفيد التعدد، وأن " حسن صحيح " تقع في مقابلة " صحيح غريب "
وأما قول الترمذي " حسن صحيح غريب ":
1. إن كان غريباً سنداً فقط فالمعنى على ما ذكرنا في " حسن صحيح ". غاية الأمر أنه أفاد أن في الإسناد تفرداً عما اشتهرت به الأسانيد الأخرى.
2. وإن كان غريباً سنداً ومتناً فيكون قد ذكر الحسن هنا لإفادة أته ورد ما يوافق معنى الحديث.
انظر التفصيل في " الإمام الترمذي " من 185 إلى 199.
ـ[ابوسليمان]ــــــــ[21 - 11 - 05, 11:06 ص]ـ
الذي ظهر لي والله أعلم أن الصحيح في المراد ب (حسن صحيح) أي صحيح جدا استنادا لقول الحافظ ابن رجب أن الترمذي يطلق هذه اللفظةعلى أصح الأسانيد , أما ما أطلقه الترمذي على غير أصح الأسانيد فانه يعتبر اجتهادا منه وظنا بأن هذا الاسناد من أصح الأسانيد. وأرجو أن تثروا هذا الموضوع أكثر
¥