ويحتمل أن تحصل هذه الفضيلة لمن قرأ هذا القدر من الآيات في الليل مطلقا، سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة، قبل نومه، أو بعد استيقاظه، إذا استيقظ من الليل.
وبهذا الإطلاق أخذ كثير من أهل العلم في تخريج الحديث في مصنفاتهم؛ فقد بوب عليه الدارمي رحمه الله (2/ 554) بقوله: (باب فضل من قرأ عشر آيات)
وبوب الحاكم في المستدرك (1/ 738) بقوله: (أخبار في فضائل القرآن جملة)
كما بوب عليه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 76) بقوله: (الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وفضل تعلمه وتعليمه)
وذكره مرة أخرى تحت باب (2/ 116): (الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء)
ويقول النووي رحمه الله في كتاب "الأذكار" (1/ 255):
" اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار، فينبغي المداومة عليها، فلا يُخلي عنها يوماً وليلة، ويحصل له أصلُ القراءة بقراءة الآيات القليلة .. (ثم ذكر أحاديث منها حديث أبي هريرة السابق) " انتهى.
فيرجى لمن قرأ عشر آيات في ليلته ألا يكتب من الغافلين، سواء قرأ ذلك في صلاته بالليل، أو خارج الصلاة، وفضل الله عز وجل واسع.
وفي صحيح مسلم (789) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( .. وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ).
فظاهر الحديث أن المراد بالقيام هنا أعم من مجرد القيام به في الصلاة. قال المناوي رحمه الله: " أي تعهد تلاوته ليلاً ونهاراً فلم يغفل عنه ... وفيه ندب إدامة تلاوة القرآن ... بأن لم يخص بوقت أو محل ". انتهى مختصرا.
ثالثا:
قد جاء في السنة الندب إلى قراءة بعض الآيات إذا أوى المسلم إلى فراشه.
ومن خصوص السور والآيات التي جاء الندب إلى قراءتها ما يلي:
1 - آية الكرسي.
جاء في صحيح البخاري معلقا (2311) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
(وكَّلني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام. . وذكر الحديث وقال في آخره: (إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ، ولا يقربَك شيطانٌ حتى تُصْبِحَ. فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: " صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيطانٌ)
2 - آخر آيتين من سورة البقرة.
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(مَن قَرَأَ بِالآيَتَينِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيلَةٍ كَفَتَاهُ) رواه البخاري (5009) ومسلم (2714) قال ابن القيم في "الوابل الصيب" (132): كفتاه من شر ما يؤذيه.
عن عليّ رضي اللّه عنه قال:
(ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة)
عزاه النووي في الأذكار (220) لرواية أبي بكر بن أبي داود ثم قال: صحيح على شرط البخاري ومسلم.
4،3 - سورتي الإسراء والزمر
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقرَأَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَالزُّمَر)
رواه الترمذي (3402) وقال: حديث حسن. وحسّنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/ 65) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
5 - سورة الكافرون:
عن نوفل الأشجعي رضي اللّه عنه قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
" اقْرأ: قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ "
رواه أبو داود (5055) والترمذي (3400) وحسنه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/ 61) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
8،7،6 - الإخلاص والمعوذتين:
عن عائشة رضي الله عنها: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيلَةٍ جَمَعَ كَفَّيهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ يَمسَحُ بِهِمَا مَا استَطَاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأسِهِ وَوَجهِهِ وَمَا أَقبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفعَلُُ ذَلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) رواه البخاري (5017)
وعن إبراهيم النخعي قال:
(كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كلّ ليلة ثلاثَ مرات: (قل هو اللّه أحد) والمعوّذتين) قال النووي في الأذكار (221): إسناده صحيح على شرط مسلم.
رابعا:
يقول النووي رحمه الله في "الأذكار" (221):
" الأولى أن يأتيَ الإِنسانُ بجميع المذكور في هذا الباب، فإن لم يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهمّه " انتهى.
ولا يشترط أن تكون القراءة من المصحف، فيكفي أن يقرأ المسلم ما تيسر له مما سبق من حفظه، والله سبحانه وتعالى يكتب له ما وعده به.
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
¥