24 - قال (ص31): «ووَصْفُ موسى هذا بأنه «مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه» وصفٌ عجيب، فلعل في السند سقطًا أو تحريفًا، فقد توفي الهقل الذي هو شيخ موسى سنة تسع وسبعين ومئة! فكيف يدركه؟!» انتهى، ثم طوَّل في احتمال أنه غير عثمان الخليفة الراشد -رضي الله عنه-.
وليس لكُلِّ هذا حاجة؛ إذ إن إطلاق الولاء على المولى لمن لم يُدركه= أشهر من علمٍ على نارٍ في تراجم الرواة، وليس بعجيبٍ إلا عند المؤلف، وليُبحث -للتوضيح فقط- فيمن جاء في ترجمتهم: «مولى عثمان بن عفان» في تهذيب الكمال.
والظاهر أن المراد به: أنه مولى أبناء عثمان، أو أن أصله -في آبائه وأجداده- يرجع إلى الولاء لعثمان بن عفان، ويُبحث هذا.
25 - أجاب (ص39) عن اعتراض ابن رجب على تأويل المسكنة في الحديث بالتواضع والإخبات حين قال: «لأن في تمام حديثيهما ما يدل على أن المراد به المساكين من المال ... »؛ قال: «ولا أرى في هذا «النظر» نظرًا!! إذ لا تعارُضَ بين المعنيَين؛ كما هو ظاهر، فالمسكنة التي هي التواضع والذلَّة توافق المسكنة التي هي عدم الغنى ولا تخالفها، أو تعارضها، وهذا أولى، والله أعلم» انتهى.
وهذا الجواب ليس بجوابٍ -على التحقيق-؛ إذ أراد ابن رجب تحقيقَ أن المسكنة التي في الحديث هي مسكنة المال؛ بدلالة سياقه (وهذا الذي نفاه مؤوِّلو الحديث، وشدَّد بعضهم في نفيه)، وليست مسكنة التواضع والإخبات (التي أُوِّل الحديث بها).
فجعل المؤلف المسكنةَ الثانية موافقةً للأولى، وهذا مصيرٌ منه إلى تفسير ما في الحديثِ بهما جميعًا، وهذا ما نفاه المؤوِّلون، وكان ظاهرُ صنيع المؤلف متابعَتَهم على ذلك، إلا أنه وقع -وحدَه- فيما هربوا منه!
وأما إن أراد المؤلف: أن المسكنة التي في الحديث هي مسكنة التواضع والإخبات -على تأويل المؤوِّلين-، وهذه المسكنة تتضمَّن مسكنة المال؛ حيثما وقعت الأولى وقعت الثانية؛ فهذا ليس بلازمٍ مُطَّرد، فكم من غنيٍّ متواضعٍ مُخبِت.
هذا على أن عبارة المؤلف مضطربةٌ لا تتضمَّن معنى واضحًا، وإنما فرح بأن ابن رجب ساق الحديثَ في سياق مسكنة التواضع والإخبات في مقدمةِ إحدى رسائله، وراح ينقل ذلك في حاشيته، لكن التحرير المعتمدَ عن ابن رجب: ما حرَّره حال نَظَره وتدقيقه في الحديث، وأما تلك المقدمة؛ فالتسامحُ فيها والجري على ما جرى عليه مؤوِّلو الحديث= وارِد.
26 - خلص في النهاية (ص33) إلى أن طرق الحديث الأخرى -سوى حديث ابن عباس ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn1))- « كلُّها ضعيفةٌ الضعفَ اليسير الذي ينجبر بتعدُّدها وتنوُّع مخارجها» انتهى!
وهذه النتيجة واقعةٌ ولا بُدَّ بسبب الأخطاء العلمية والمنهجية في البحث، التي منها:
1 - ضعف تحرير مدار الحديث.
2 - ضعف تحرير حال الراوي، والتعلُّق بأدنى ما يجيء في تقويته.
3 - اجتزاء بعض كلمات الأئمة، ونقل ما ينصُّ على التقوية منها فحسب.
4 - نقل بعض كلمات الأئمة، وإغفال بعضها أو أكثر منها، مع الوقوف عليها جميعًا في المصدر الواحد.
5 - تأويل عبارات الأئمة وصرفها عن ظاهرها بلا مبرر، والخلل في فهمها على وجهها.
إلى غير ذلك.
والله المستعان، وعليه التكلان.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.