(4/ 124 - 125) عن محمد بن جعفر غندر، وأبو يعلي (3193)،

عن خالد بن الحارث، كلهم عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة،

عن أنس بن مالك: أن نبي الله r كان بالزوراء، فأُتيَ بإناء فيه ماء

لا يغمر أصابعه، أو قَدَرَ ما يُرى أصابعه، فأمر أصحابه أن يتوضأوا، فوضع كفه في الماء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، وأطراف أصابعه، حتى توضأ القوم.

قال: فقلنا لأنس: كم كنتم؟ قال: كنا ثلاثَ مِئةٍ.

وأخرجه أبو يعلي (3172) قال: حدثنا أبو موسى، حدثنا محمد ابن جعفر غندر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس فساقه.

* قلتُ: كذا وقع: "شعبة" وهو عندي تصحيفٌ، فإن هذا الحديث معروفٌ أنه من رواية سعيد بن أبي عروبة، وقد ذكره أبو يعلي في أحاديث لـ "سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة" والله أعلم.

وأخرجه مسلم (2279/ 6)، والبيهقي في "الدلائل" (4/ 125) عن هشام الدستوائي، وأخرجه أحمد (3/ 298)، وأبو عوانة ـ كما في "إتحاف المهرة" (2/ 234) ـ، وأبو يعلي (2895)، وابن حبان (6547)، والغرياني في "الدلائل" (21)، وأبو نعيم في "الدلائل" (317) عن همام بن يحيى كلاهما عن قتادة عن أنس مثله.

قال الحافظ في "الفتح" (6/ 585): "لم أره من حديث قتادة إلا معنعناً".

كذا قال! وقد وقع تصريح قتادة بالسماع من أنس في رواية هشام الدستوائي في "صحيح مسلم"!

والعدد في حديث قتادة "زهاء ثلاثمائة"، وفي حديث ثابت: "نحو سبعين أو ثمانين" وهو محمول على تعدد الواقعة كما حققه الحافظ وغيره.

وكذلك روى هذا الحديث آخرون من أصحاب أنس: كحميدٍ الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، والحسن البصري وغيرهم، ولم يقع في رواية واحد منهم ذكر "التسمية"، فلذلك حكمتُ بشذوذ هذا الحرف في حديث أنس، والله أعلم.

* قلتُ: وكان البخاري رحمه الله لما لم يصح عنده حديث صريح في التسمية على الوضوء أورد حديث ابن عباس t مرفوع: "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولدٌ لم يضره".

أودع البخاري هذا الحديث في "كتاب الوضوء" (1/ 242) وبوَّب عليه بقوله: "باب: التسمية على كل حالٍ ـ وعند الوقاع".

وقصده: إذا شُرعَت التسمية في مثل هذه الحالة، ففي غيرها من

باب أولى.

وقد اختلف أهل العلم في حكم التسمية، فذهب جمهور الحنابلة والمالكية والشافعية إلى أن التسمية مستحبة، وهو رواية عند الحنابلة.

وذهب أحمد في رواية، وإسحاق بن راهويه إلى وجوب التسمية، وهو قول أكثر الحنابلة، وقوَّى الوجوب شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في "شرح العمدة (1/ 170 - 173) بعد أن ذكر الرواية عن أحمد في استحبابها، قال: "والرواية الأخرى أنها واجبة، اختارها أبو بكر والقاضي وأصحابه وكثير من أصحابنا، بل أكثرهم لما ذكرنا من الأحاديث. قال أبو إسحاق الجوزجاني: قال ابن أبي شيبة: "ثبت لنا عن النبي r أنه قال: "لا وضوء لمن لم يُسمِّ"، وتضعيف أحمد لها محمول على أحد الوجهين: إما أنها لا تثبت عنده أولاً لعدم علمه بحال الراوي ثم عَلمَهُ فبنى عليه مذهبه برواية الوجوب، ولهذا أشار إلى أنه لا يعرف رباحاً ولا أبا ثفال، وهكذا تجيء عنه كثيراً الإشارة إلى أنه لم يثبت عنده أحاديث، ثم تثبت عنده فيعمل بها، ولا ينعكس هذا بأن يقال: ثبت عنده ثم زال ثبوتها، فإن النفي سابق على الإثبات، وإما أنه أشار إلى أنه لم يثبت على طريقة تصحيح المحدثين.

فإن الأحاديث تنقسم إلى: صحيح وحسن وضعيف، وأشار إلى أنه ليس بثابت، أي: ليس من جنس الصحيح الذي رواه الحافظ الثقة عن مثله، وذلك لا ينفي أن يكون حيناً وهو حجة، ومن تأمل قول الإمام علم أنه لم يوهِّن الحديث، وإنما بين مرتبته في الجملة أنه دون الأحاديث الصحيحة الثابتة، وكذلك قال في موضع آخر: أحسنها حديث أبي سعيد، ولو لم يكن فيها حسنٌ، لم يقل فيها: أحسنها وهذا معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف، وقوله: ربما أخذنا بالحديث الضعيف وغير ذلك من كلامه، يعني به: الحسن.

فأما ما رواه متَّهمٌ أو مُغفَّلٌ فليس بحجة أصلاً، ويبين ذلك وجوه،

أحدها: أن البخاري أشار في حديث أبي هريرة إلى أنه لا يُعرَفُ السَّماعُ في رجاله وهذا غير واجبٍ في العمل، بل العنعنة مع إمكان اللقاء ما لم يُعلم أن الراوي مُدلِّسٌ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015