نُصَلِّي وَلا نُزَكِّي، فَأَتَيْتُهُ وَلا آلُوهُ نُصْحَاً، فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، تَأَلَّفِ النَّاسَ وَارْفِقْ بِهِمْ، فَقَالَ: جَبَّارٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوَّارٌ فِي الإِسْلامِ، فَبِمَاذَا أَتَأَلَّفُهُمْ أَبِشِعْرٍ مُفْتَعَلٍ أَوْ بِشِعْرٍ مُفْتَرًى!، قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَفَعَ الْوَحْيُ، فَوَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَقَالاً مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَكَانَ وَاللهِ رُشَيْدَ الأَمْرِ فَهَذَا يَوْمُهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى يَلُومُهُ.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ «دَلائِلُ النُّبُوَّةِ» (731) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً.
قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ. وَالْمُتَّهَمُ بِهِ الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ الْجَزَرِيُّ. قَالَ أبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ «الضُّعَفَاءُ» (3/ 458): «قَالَ الْبُخَارِيُّ: فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ كُوفِيٌّ تَرَكُوهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: هُوَ قَرِيبٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الطَّحَّانِ فِي مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ يُتَّهَمُ بِمَا يُتَّهَمُ ذَاكَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ثَنَا عَبَّاسٌ يعنِي الدُّورِيَّ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ جَزَرِيٌّ لَيْسَ بِشَيْءٍ».
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (6/ 22): «فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ أبُو سُلَيْمَانَ، وَقِيلَ أبُو الْمُعَلَّى جَزَرِيٌّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ثَنَا عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ جَزَرِيٌّ. وسَمِعْتُ ابْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ أبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. سَمِعْتُ ابْنُ حَمَّادٍ يَقُولُ: قَالَ السَّعْدِيُّ: فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ أبُو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ».
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (2/ 207): «يَرْوِى عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، يَرْوِى عَنْهُ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ، كَانَ مِمَّنْ يَرْوِى الْموْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ وَيَأْتِى بِالْمُعْضَلاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ، وَلا الرِّوَايَةُ عَنْهُ، وَلا كِتَابَةُ حَدِيثِهِ إِلاَّ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِبَارِ. أَخْبَرَنَا الْحَنْبَلِىُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ».
وَتَخْرِيْجُ الْحَدِيثِ أَوْسَعُ مِمَّا ذَكَرْتُ، وَإِنَّمَا خَرَّجْتُهُ مِنَ السِّيَاقِ الْوَارِدِ بِالسُّؤَالِ.