وقال ابن عطية: " قوله تعالى: ويسارعون في الخيرات وصف بأنهم متى دعوا إلى خير من نصر مظلوم وإغاثة مكروب وجبر مهيض وعبادة الله أجابوا ومنه فعل مالك رضي الله عنه في ركعتي المسجد وقال دعوتني إلى خير فأجبت إليه ومما يدخل في ضمن قوله تعالى ويسارعون في الخيرات أن يكون المرء مغتنما للخمس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل مماتك وغناك قبل فقرك فيكون متى أراد أن يصنع خيراً بادر إليه ولم يسوف نفسه بالأمل فهذه أيضا مسارعة في الخيرات وذكر بعض الناس قال دخلت مع بعض الصالحين في مركب فقلت له ما تقول أصلحك الله في الصوم في السفر فقال لي إنها المبادرة يا ابن أخي قال المحدث فجاءني والله بجواب ليس من أجوبة الفقهاء ثم وصف الله تعالى من تحصلت له هذه الصفات بأنه من جملة الصالحين و من يحسن أن تكون للتبعيض ويحسن أن تكون لبيان الجنس ".
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 1/ 493.
وقال المناوي: " اغتنم خمسا قبل خمس أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء حياتك قبل موتك يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك وصحتك قبل سقمك أي اغتنم العمل حال الصحة فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد وفراغك قبل شغلك أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان وشبابك قبل هرمك أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب الله وغناك قبل فقرك أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيرا في الدنيا والآخرة فهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها "
فيض القدير للمناوي 2/ 16.
وقال عبد الحق الإشبيلي: " وقد كثر الحض على هذا وكثرت الأقاويل فيه ولم يزل المذكرون يذكرون والمنبهون ينبهون لو يجدون سمعا واعيا وقلبا حافظا ومحلا قابلا والحول حول الله والأمر كله بيد الله ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل وهو يعظه: " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك وعن ابن عباس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.
وقال القائل: إن في الموت والمعاد لشغلا ** وادكارا لذي النهى وبلاغا
فاغتنم نعمتين قبل المنايا ** صحة الجسم يا أخي والفراغا
العاقبة في ذكر الموت لعبد الحق الاشبيلي ص79.