قُلْتُ: هَكَذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ فِي اسْمِ شَيْخِهِ الأَزْدِيِّ، وَضَبَطَ مَعْمَرٌ اسْمَهُ وَجَوَّدَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِىِّ، فَقَالَ «عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الطُّفَيْلِ»، وَوَافَقَهُ الْجَمَاعَةُ، إِلاَّ أَنَّ شُعَيْبَاً عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍ الْهَرَوِيِّ قَالَ «عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ»، فَقَلَبَ الْحَارِثَ مَالِكَاً، وَصَبَطَهُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْهُ.
وَأَبْعَدَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيُّ إِذْ قَالَ «الطُّفَيْلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ أَخَاً لِعَائِشَةَ لأُمِّهَا»، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَخِيهَا لأُمِّهَا، وَاسْمُهُ كَمَا قَالَ مَعْمَرٌ، وَرَوَاهُ غَيْرُه عَنِ الأَوْزَاعِيُّ كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (20/ 22/26): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن مَسْعُودٍ الْمَقْدِسِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بن كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن مُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ وَالْحُسَيْنُ بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بن خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ الْقَارِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بن الطُّفَيْلِ الأَزْدِيُّ أَزْدُ شَنُوءَةَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا: أن عَائِشَةَ بَلَغَهَا أن عَبْدَ اللهِ بن الزُّبَيْرِ قَالَ فِي دَارٍ لَهَا باعَتْهَا، فَسَخِطَ عَبْدُ اللهِ بَيْعَ تِلْكَ الدَّارِ، فَذَكَرَهُ.
قُلْتُ: وَالْخُلاصَةُ، فَالاخْتِلافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي تَحْرِيرِ اِسْمِ شَيْخِ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ «كِتَابُ الْمَنَاقِبِ» (3505): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ الْبَشَرِ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا وَكَانَتْ لا تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللهِ إِلاَّ تَصَدَّقَتْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا فَقَالَتْ أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِمْ الْحِجَابَ فَفَعَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَقَالَتْ وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلاً أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ.
فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي «التَّارِيْخِ الْكَبِيْرِ» (7/ 57/261)، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ «الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ» (7/ 14/66) عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ، فَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ جَرْحَاً وَلا تَعْدِيلاً. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» (5/ 275). وَقَالَ فِي «مَشَاهِيْرِ عُلْمَاءِ الأَمْصَارِ» (ص74): «عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الطًّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ الأَزْدِيُّ، وَالطُّفَيْلُ أَخُو عَائِشَةَ لأُمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ. مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».
¥