الأرض من كثرة أجنحة ما نزل لتشييعه من الملائكة.
وإليك المسائل المتعلقة بالحديث:
المسألة الأولى: الإسناد
" أبو نعيم" هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الإمام الحافظ، الثقة العلامة، شيخ الإسلام، أبو نعيم المهراني، الأصبهاني. توفي سنة ثلاثين وأربعمائة. (سير أعلام النبلاء)
"أبو بكر، محمد بن أحمد المفيد" قال الذهبي: المفيد، الشيخ الإمام، المحدث الضعيف، أبو بكر، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد.
وقال أبو الوليد الباجي: ابو بكر المفيد، أنكرت عليه أحاديث أدعاها. (سير أعلام النبلاء)
وقال في الميزان: روى مناكير عن مجاهيل. اهـ (ميزان الاعتدال)
وقال الذهبي في " المغني في الضعفاء" محمد بن أحمد بن محمد أبو بكر المفيد، محدث مشهور، مجمع على ضعفه وأتهم. توفي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. (سير أعلام النبلاء)
"موسى بن هارون" بن عبد الله الحمال بالمهملة، ثقة حافظ كبير، بغدادي، من صغار الحادي عشر، مات سنة أربعة وتسعون ومائتين للهجرة. (تقريب التهديب)
"محمد بن الليث الجوهري" ذكره ابن الجزري في "غاية النهاية في طبقات القراء" وهو محمد بن الليث بن محمد بن يزيد، أبو بكر الجوهري، وذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: إنه ثقة. (ولا أعرف تاريخ وفاته وعلى من عرفه أن يتحفنا به).
"سليم بن منصور" قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" سليم بن منصور بن عمار، تكلم فيه بعض البغداديين.
وقال في "المغني في الضعفاء" سليم بن منصور بن عمار، عن ابن علية تكلم فيه ولم يُترك.
"حدثنا أبي" قال الذهبي في السير: منصور بن عمار بن كثير الواعظ، البليغ الصالح، الرباني أبو السري السلمي الخراساني، وقيل: البصري، كان عديم النظير في الموعظة والتذكير.
قال أبو حاتم: صاحب مواعظ ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: حديثه منكر.
وقال الدارقطني: يروي عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها.
قال أبو بكر بن أبي شيبة: كنا عند ابن عيينة، فسأله منصور بن عمار [عن القرآن] فزبره، وأشار إليه بعكازه، فقيل: يا أبا محمد، إنه عابد فقال: ما أراه إلا شيطانا.
وقال فيه الذهبي: وساق ابن عدي مناكير لمنصور تقتضي بأنه واه جدا. (سير أعلام النبلاء)
وقال العقيلي في "الضعفاء" لا يقيم الحديث، وكان فيه من مذهب جهم.
قال الذهبي في "السير": لم أجد وفاةً لمنصور، وكأنها في حدود المائتين.
"المنكدر بن محمد بن المنكدر" قال الحافظ في "تهديب التهديب":
المنكدر بن محمد بن المنكدر القرشي التيمي المدني. قال البخاري قال ابن عيينة لم يكن بالحافظ وقال أبو طالب عن أحمد ثقة وقال الدوري عن ابن معين ليس به بأس وقال مرة ليس بشئ وقال أبو زرعة ليس بقوي وقال أبو حاتم كان رجلا صالحا لا يفهم الحديث وكان كثير الخطأ لم يكن بالحافظ لحديث أبيه وقال الآجري سألت أبا داود عنه أهو ثقة قال لا وقال الجوزجاني والنسائي ضعيف وقال النسائي في موضع آخر ليس بالقوي.
مات سنة ثمانين ومئة. اهـ
قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث.
"عن أبيه" قال في "التقريب": محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بالتصغير التيمي المدني ثقة فاضل من الثالثة مات سنة ثلاثين أو بعدها.
"جابر بن عبد الله" الصحابي المشهور.
المسألة الثانية: درجته:
حُكم على الحديث بالوضع لوجوه قوية، سيأتي ذكرها لانضباط قواعد الوضع عليها، وممن حكم عليها بالوضع:
* الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. قال في "تلخيص الموضوعات لابن الجوزي": من وضع الطُرقية، وقد فضح نفسه من وضعه إذا يقول: "وذلك في أيام ودعه ربه" وكان ذلك في مكة. اهـ
* الإمام الحافظ السيوطي في "اللآليء المصنوعة": موضوع: المنكدر ليس بشيء, وسُليم تكلموا فيه، وأبوبكر المفيد ليس بحجة، وليس في الصحابة من اسمه "دفافه" وقوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} إنما نزل بمكة بلا خلاف. اهـ
قال أبو حفص عفا الله تعالى عنه: وايضاً في سنده منصور بن عمار الواعظ، والد سُليم ذكر الذهبي ضعفه فراجعه تستفد.
* الإمام الحافظ أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي، المعروف بابن الجوزي، قال في كتابه "الموضوعات": هذا حديث موضوع شديد البرودة، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله: وذلك حين نزل عليه (ما ودعك ربك وما قلى) وهذا إنما أنزل عليه بمكة بلا خلاف، وليس في الصحابة من اسمه دفافة، وقد اجتمع في إسناده جماعة ضعفاء منهم المنكدر، قال يحيى: ليس بشئ، وقال ابن حبان: كان يأتي بالشئ توهما فبطل الاحتجاج بأخباره.
ومنهم سليم بن منصور فإنهم قد تكلموا فيه، ومنهم أبو بكر المفيد. اهـ
* وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة": رواه بطوله أبو نعيم، وهو موضوع. اهـ
المسألة الثالثة: تطبيق قواعد الوضع عليها:
لقد ظهر لك جلياً سند هذا الحديث وأخص بالذكر تفرد "سُليم" في جميع طرقه المذكورة في هذه الرسالة العاجلة - (وعلى من وجد غير هذه الطرق فليتحفنا بها, ولا يكتم عنا البينات) - وما ظهر لك من حال الرواة، وأيضا ما ذُكر في المتن من ركاكة في الألفاظ، فحُكم عليها بالوضع، لماذا؟
لأن الموضوع اصطلاحاً: هو المختلق المصنوع، وفي اللغة: الملصق، وضع فلان على فلان كذا، أي الصقه به.
ومن الطُرق التي يعرف بها الموضوع: قال ابن الصلاح في مقدمته: ((وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي.اهـ)) وتعقب الحافظ ابن حجر وقال في "النكت": قلت: هذا الثاني هو الغالب. اهـ
قال أبو حفص عفا الله تعالى عنه: قد مر عليك أن في سند الحديث من هو منكر الحديث، وفيه من يروي عن المجاهيل، ومن هو متهم، فراجعه تستفد.
ومن طرق معرفة الموضوع ايضاً قال الحافظ في النكت: ومنها: ((أن يكون مناقضاً لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي. اهـ))
قال أبو حفص عفا الله تعالى عنه: قد مر عليك نقد علماء الحديث الكبار في متن الحديث قريباً في قوله: "وهي الأيام التي قالوا ودعه ربه وقلى" فإنه خالف الإجماع.
هذا ما عندي فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه متاب. وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أبو حفص البلوشي عفا الله تعالى عنه.
¥