لاحْتَرَقَتْ مَلائِكَةُ الْكُرْسِيِّ مِنْ نُورِ مَلائِكَةِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، فَكَيْفَ بِنُورِ الرَّبِّ الَّذِي لا يُوصَفُ، وَلا يُدْرَى مَا كُنْهُهُ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ الْيَوْمَ أَرْبَعَةُ أَمْلاكٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُيِّدُوا بِأَرْبَعَةٍ آخَرِينَ، فَكَانُوا ثَمَانِيَةً، مَلَكٌ مِنْهُمْ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ يَشْفَعُ لِبَنِي آدَمَ فِي أَرْزَاقِهِمْ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ النَّسْرِ يَشْفَعُ لِلطَّيْرِ فِي أَرْزَاقِهَا، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ يَشْفَعُ للِسِّبَاعِ فِي أَرْزَاقِهَا، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ يَشْفَعُ لِلْبَهَائِمِ فِي أَرْزَاقِهَا، وَلِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ وَجْهُ إِنْسَانٍ وَوَجْهُ نَسْرٍ وَوَجْهُ ثَوْرٍ، وَوَجْهُ أَسَدٍ».

وَذَكَرَ وَهْبٌ: أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ طُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَسِيرَةُ مِائَتَيْ أَلْفِ سَنَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَإِنَّ قَدْرَ مَوْضِعِ قَدَمِ أَحَدِهِمْ مَسِيرَةُ سَبْعَةِ آلافِ سَنَةٍ، وَلَهُمْ وُجُوهٌ، وَعُيُونٌ مَا لا يَعْلَمُ عِدَّتَهَا إِلاَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَمَّا حَمَلُوا الْعَرْشَ وَقَعُوا عَلَى رُكَبِهِمْ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلُقِّنُوا: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، فَاسْتَوَوْا قِيَامَاً عَلَى أَرْجُلِهِمْ، وَإِنَّ قَدَمَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَافِذَةٌ تَحْتَ الأَرَضِينَ السُّفْلَى مِقْدَارَ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ عَلَى الرِّيحِ، يَحْمَدُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُعَظِّمُونَهُ، وَيُسَبِّحُونَهُ، وَيُمَجِّدُونَهُ لا يَفْتُرُونَ، يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ الرَّفِيعِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.

[الثَّالِثُ] وَقَالَ (631): أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَصَاحِفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ، وَكَتَبَ فِي وَجْهِهَا: إِنِّي أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، صُغْتُ الشَّمْسَ بِقُدْرَتِي، وَأَجْرَيْتُهَا بِأَمْرِي، وَكَتَبَ فِي بَطْنِهَا: أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، رِضَائِي كَلامٌ، وَغَضَبِي كَلامٌ، وَرَحْمَتِي كَلامٌ، وَعَذَابِي كَلامٌ، وَخَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ نُورِ حِجَابِهِ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي وَجْهِهِ: إِنِّي أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، صُغْتُ الْقَمَرَ، وَخَلَقْتُ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، فَالظُّلْمَةُ ضَلالَةٌ، وَالنُّورُ هُدَايَ، أُضِلُّ مَنْ شِئْتُ، وَأَهْدِيَ مَنْ شِئْتُ، وَكَتَبَ فِي بَطْنِهِ: إِنِّي أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِقُدْرَتِي وَعِزَّتِي أَبْتَلِيَ بِهِمَا مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِي».

[الرَّابِعُ] وَقَالَ (861): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَصَاحِفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَاءِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: «إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّارِ، وَخَلَقَ رَحْمَتَهُ قَبْلَ غَضَبَهِ، وَخَلَقَ السَّمَاءَ قَبْلَ الأَرْضِ، وَخَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَبْلَ الْكَوَاكِبِ، وَخَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَخَلَقَ الْبَحْرَ قَبْلَ الْبَرِّ، وَخَلَقَ الْبَرَّ وَالأَرْضَ قَبْلَ الْجِبَالِ، وَخَلَقَ الْمَلائِكَةَ قَبْلَ الْجَنِّ، وَخَلَقَ الْجَنَّ قَبْلَ الإِنْسِ، وَخَلَقَ الذَّكَرَ قَبْلَ الأُنْثَى».

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015