وقد قال عنه ابن حبَّان رحمه الله: دجَّال من الدَّجاجلة، وكان رقاصا بالبصرة، يدعى إلى الأعراس فيرقص فيها، فلما كبر جعل يروى عن أنس، ويضع عليه ... ولم يكن أبو هدبة يعرف بالحديث ولا يكتبه، إنما كان يلعب ويسخر به في المجالس والأعراس هذا يحفل النغم ويرقص في المجالس حتى شاخ، فلما كبر زعم أنه سمع مالك، وجعل يضع عليه مثل ما ذكرت، فلا يحل لمسلم أن يكتب حديثه ولا يذكره إلا على وجه التعجب. (7)
وقال عنه أبو حاتم الرَّازي: كذاب. (8)
وقال الإمام أحمد: إبراهيم بن هدبة لا شيء، روى أحاديث مناكير. (9)
وقال النسائي: ليس بثقة متروك (10)
وأمر هذا الكذاب بين لا يخفى.
وقد ورد عن أبي نعيم ما يوهم أنه يصحح هَذَا الإسناد في أخبار أصبهان، أحببت أن أورده وأبين عدم صحته حتى لا يتعلَّق مبتدع به أو يوهم أن أهل السنة يتركون ما لا يروق لهم أو يوافق مشربهم.
قَالَ أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 210) ت كسروي حسن:
309 _ إبراهيم بن هدبة أبو هدبة روى عنه الحجاج بن يوسف، ورستة، وحاملة بن مسور، والخضر بن أبان، قدم أصبهان فحدث على المنبر عن أنس بن مالك، فرفع ذلك إلى جرير بن عبد الحميد فصدقه، وكان المأمون أيضا يصدقه. اهـ
وللجواب عن هَذَا أقول:
1 - أن جميع الأئمة مطبقون على كذب هَذَا الرَّاوي وعدم صدقه وأنه مفتر لم يسمع من أنس شيئا، إلا رواية شاذة جاءت عن ابن معين بين الخطيب أن المحفوظ عن يحيى خلافها.
ولو صحَّ ما قاله أبو نعيم، فإن كلام جرير ومن وافقه مردود، لأن جميع أئمة الجرح والتعديل المعتمد قولهم على خلاف هَذَا التصديق المحكي.
2 - أن أبا نعيم أخذ هَذَا الكلام عن أبي الشيخ بن حيَّان من " طبقات المحدِّثين بأصبهان " (1/ 349) وحذف بعض كلامه، وفيما حُذف فوائد، وأسوق أولا كلام أبي الشيخ ثم أبين ما في الاختصار من إخلال: قَالَ أبو الشَّيخ: ((إبراهيم بن هدبة يكنى أبا هدبة قدم أصبهان فحدث على المنبر عن أنس بن مالك، فرفع ذلك إلى جرير بن عبد الحميد، وكان يصدقه وكان المأمون أيضا يصدقه، حكى ذلك المسرحي عن عبيد الله بن عمر، وسمع منه بأصبهان رستة، والحجاج بن يوسف، وحامد بن مسور، وهو متروك الحديث))
ففي كلام أبي الشيخ التَّام فوائد:
أ*- أنه صدَّر النَّقل في تصديق جرير بـ " حُكِي ذلك " ثم عقبه بقوله " متروك الحديث " فلم يقنع بهذا الكلام.
ب*- أن عبيد الله بن عمر بن يزيد الزهري أخو رستة لم يبين سماعه لكلام جرير بن عبد الحميد أو قراءته لكتابه أو غيرها من طرق الاتصال
ج – أن أبا الشَّيخ بن حيَّان حكم على أبي هدبة بأنه " متروك الحديث "
د – أن أبا نعيم قَالَ في الضُّعفاء: (وأنا بعون الله وحسن توفيقه ذاكر تسمية نفر من المجروحين وساقطي الشهادة وذلك على الحروف ... ثم قَالَ:
(5) إبراهيم بن هدبة المكتنى بأبي هدبة يروي عن أنس بن مالك نسخة روى عنه حميد بن الربيع لا شئ. (11)
وقد قال الذهبي رحمه الله في الميزان: ((تصديقهما لا ينفعه فإنه مكشوف الحال)) (12)
ثانيا: أبو أحمد زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي حدثنا حميد الطويل عن أنس ...
أخرجه الحسكاني في الشواهد (13)
وهذا أيضا موضوع كسابقه، وبليته زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، وهو رجل كذَّاب
قال ابن حبَّان رحمه الله: ((شيخ يضع الحديث على حميد الطويل كنيته أبو أحمد كان يدور بالشام ويحدثهم بها ويزعم أن له مائة سنة وخمسة وثلاثين سنة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ... ثم ساق بعض الروايات عنه، ثم قال حدثنا بهما أحمد بن موسى بن الفضل بن معدان بحران قال ثنا زكريا بن دويد الكندي بنسخة كتبناها عنه بهذا الاسناد كلها موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب. (14)
وقال الحاكم في " المدخل إلى الصحيح ": حدَّث بالشَّام بعد الخمسين والمائتين عن حميد عن أنس بأحاديث موضوعة، لا تحل روايتها، وكان يزعُم أن له مائة سنة، وقد رويت تلك النسخة عنه بالشَّام (15).
وقال أبو نعيم الأصبهاني: زكريا بن دويد أبو أحمد الكندي حدث بالشام عن حميد الطويل عن أنس بن ما بنسخة موضوعة لا شئ (16)
وانظر الميزان للذهبي (17) وغيره.
فهذه طرق تالفة أيضا لا تساوي شيئا.
_______
¥