ـ[أبو هالة]ــــــــ[01 - 02 - 07, 01:03 م]ـ
و هذه رسالة للشيخ ابن باز فيها بغيتك و زيادة
الله خالق كل شيء وما سواه مخلوق
قال العلامة إمام أهل السنة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -:
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فقد كتب إلي بعض الإخوان يذكر أنه ألقى عليه بعض زملائه شبهة قائلا: إنه يعترف أن الله سبحانه هو خالق السماوات والأرض, والعرش والكرسي وكل شيء, ولكنه يسأل قائلا: الله ممن يكون؟ فأجابه بقوله له:
كلامك الأول صحيح لا تعليق عليه, أما قولك الثاني وهو قولك: الله ممن يكون؟ فلا يقوله مسلم, وينبغي أن يسعك ما وسع الصحابة رضي الله عنهم, فإنهم لم يسألوا مثل هذا السؤال, وهم الفطاحل في العلم, وقال له أيضا: إن الله سبحانه قال عن نفسه: سورة الشورى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، وقال: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) إلى آخر ما ذكره.
ورغب إلي في الإجابة عن هذه الشبهة فأجبته عن ذلك بما نصه:
اعلم وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه: أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه على أهل الإسلام وغيرهم, للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات, وتثبيت الكافر على عقيدته الباطلة, وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق, من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان وصراع بين الحق والباطل, حتى يتبين طالب الهدى من غيره, وحتى يتبين الصادق من الكاذب, والمؤمن من المنافق, كما قال سبحانه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، وقال سبحانه: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) وقال سبحانه: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ، وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ).
فأوضح سبحانه في الآية الأولى والثانية والثالثة: أنه يبتلي مدعي الإيمان بشيء من الفتن ليتبين صدقه في إيمانه وعدمه.
وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك بمن مضى ليعلم سبحانه الصادقين من الكاذبين, وهذه الفتنة تشمل فتنة المال والفقر والمرض والصحة والعدو, وما يلقي الشياطين من الإنس والجن من أنواع الشبه وغير ذلك من أنواع الفتن, فيتبين بعد ذلك الصادق في إيمانه من الكاذب, ويعلم الله ذلك علما ظاهرا, موجودا في الخارج بعد علمه السابق؛ لأنه سبحانه قد سبق في علمه كل شيء كما قال عز وجل: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال: وعرشه على الماء خرجه مسلم في صحيحه.
ولكنه عز وجل لا يؤاخذ العباد بمقتضى علمه السابق, وإنما يؤاخذهم ويثيبهم على ما يعلمه منهم, بعد عملهم إياه, ووجوده منهم في الخارج.
¥