ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[07 - 08 - 10, 10:00 م]ـ

الحديث القدسي إني والإنس والجن في نبأ عظيم لا يصح

السؤال: ما هو تخريج الحديث القدسي التالي، فهو متداول بكثرة في المنتديات، وأرغب في معرفة الزيادات الضعيفة أو الموضوعة في الحديث، وجزاكم الله خيرا. يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي) (خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ) (أهل ذكري أهل مجالستي، من أراد أن يُجالسني فليذكرني. أهل طاعتي أهل محبتي. أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أبَوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، أقول له: أين تذهب؟ ألك رب سواي!) (الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفو، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم)

الجواب

الحمد لله

أولا:

الجزء الأول من هذا الحديث وهو قوله: (إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي) من الأحاديث القدسية الضعيفة المشهورة، والأحاديث القدسية من أكثر الأبواب التي دخل فيها الضعيف والمكذوب.

أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (2/ 93)، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/ 77) وعبد الغني المقدسي في " التوحيد " (108) -، وأخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " – كما عزاه إليه في " الدر المنثور " (7/ 625) - وأخرجه أيضاً البيهقي في " شعب الإيمان " (4/ 134)، والديلمي في " الفردوس " (3/ 166)

كلهم من طريق بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وشريح بن عبيد الحضرميان، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

يقول الشيخ الألباني رحمه الله:

" ضعيف .... منقطع، فإن عبد الرحمن بن جبير، وشريح بن عبيد لم يدركا أبا الدرداء، فعلة الحديث الانقطاع " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/2371)، وضعفه السيوطي في " الجامع الصغير "، والمناوي في شرحه " فيض القدير " (4/ 469).

ومع ذلك فمعنى الحديث صحيح مقبول، وليس فيه ما ينكر، إلا أنه لا تجوز نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم.

يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:

" معناه صحيح، أن الله يخلق ويعبد سواه، الله خلق المشركين وعبدوا سواه، والله يرزق ويشكر سواه، هذا واقع " انتهى.

ثانيا:

أما الجزء الثاني وهو قوله: (خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ)

فهو حديث موضوع مكذوب وإن كان معناه مقبول أيضا:

جاء في " السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/3287) للشيخ الألباني رحمه الله:

" (يقول الله تعالى: يا ابن آدم! ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمَقَّتُ إليَّ بالمعاصي، خيري إليك منزل، وشرك إليَّ صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح! يا ابن آدم! لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف؛ لسارعت إلى مقته)

موضوع. أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 4)، والديلمي (4/ 257 - زهر الفردوس) من طريق داود بن سليمان الغازي: حدثني علي بن موسى الرضا .. (قلت: فساق إسناده عن آبائه عن علي رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ... فذكره.

قلت – أي الشيخ الألباني -: وهذا موضوع؛ آفته الغازي هذا، وهو شيخ كذاب كما تقدم مراراً.

لكن تابعه أحمد بن علي بن مهدي الرقي: حدثنا أبي: حدثنا علي بن موسى الرضا به.

أخرجه الديلمي، وكذا نظيف المصري في "الفوائد" (ق106/ 2)، ومن طريقه أبو نصر الغازي في "جزء من الأمالي" (ق78/ 1) وزاد:

(تفعل الكبائر أو ترتكب الكبائر ثم تتوب إلي فأقبلك إذا خلصت نيتك، وأصفح عما مضى من ذنوبك، وأدخلك جنتي وأجعلك في جواري، سوءة (!) لإقامتك على قبيح فعالك)

لكن الرقي هذا وأبوه لم أعرفهما، ولعل أحدهما سرقه من الغازي؛ فإن لوائح الوضع والصنع على الحديث ظاهرة " انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015