وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ الآية قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا ابن المبارك حدثنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال: خرجنا على جنازة في باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات وتوشكون أن تطعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الدود وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من الله فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فيغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه فقال أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، ويقول المنافقون والمنافاقات للذين آمنوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ الآية إلا أنه يقول سليم بن عامر: فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ويميز الله بين المنافق والمؤمن.
ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا ابن حيوة حدثنا أرطأة بن المنذر حدثنا يوسف بن الحجاج عن أبي أمامة قال: يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ وقال العوفي والضحاك وغيرهما عن ابن عباس: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون: ارجعوا وراءكم من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور انتهى ما ذكره الحافظ ابن كثير.
وبما ذكرناه عن ابن جرير وابن كثير رحمة الله عليهما يتضح للقارئ أن المكر والسخرية بالكافرين والخداع والاستهزاء بالمنافقين والكيد منه سبحانه لأعدائه كله على بابه، ولا يحتاج إلى تأويل بل هو حق من الله وعدل وجزاء لهم من جنس عملهم يليق به سبحانه وليس يماثل ما وقع من أعدائه؛ لأن صفة الله سبحانه وأفعاله تليق به كلها حق وعدل ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وإنما يعلم العباد من ذلك ما أخبرهم به عز وجل في كتابه الكريم أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 12:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي عبد الله على هذا الجهد المبارك، وعسى الله تعالى أن يكتبه لك في ميزان الحسنات.
آمين
لقد عرفت للتو أنك كويتي
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 01:21 ص]ـ
جاء في (أنساب الأشراف) للبلاذري5/ 260 - 267: (وجَدَّ زياد في أمر أصحاب حُجر وطلبهم أشَدَّ الطَّلَب فأُتِيَ برِبعِي بن حراش العبسي بأمانٍ فقال: والله لأجعَلَنَّ لك شُغلاً بنفسك عن تلقيح الفتَن ودَعَاه إلى الوقيعة في علي فأبَى، فحبسه ثُمَّ كُلِّم فيه فأخرجه.
هذه الرواية من مرويات الكلبي المتهم ولم يذكر الكلبي إسناده لهذه القصة
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 09 - 06, 05:57 م]ـ
قال المعترض ((ونقل ابن عبد البر والمسعودي في (مروج الذهب) 3/ 6 وغيرهما: أن امرأة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي سقته السم، وقد كان معاوية دسَّ إليها: (إنك إن احتلتِ في قتل الحسَن وجَّهتُ إليك بمائة ألف درهم وزوَّجتك يزيد) فكان ذلك الذي بعثها على سمه، فلما مات وفَّى لها معاوية بالمال وأرسل إليها: (إنا نحب حياة يزيد ولولا ذلك لوفَّينا لك بتزويجه)))
هذه الفرية الشنيعة ذكرها المسعودي بلا إسناد
وأما ابن عبد البر فقد قال في كتابه الإستيعاب ((وقال قتادة وأبو بكر بن حفص سم الحسن بن علي سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي
وقالت طائفة كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها من ذلك وكان لها ضرائر والله أعلم))
كذا قال والرواية بلا إسناد ورواية ابن عبد البر تختلف عن رواية المسعودي وقد كذب المعترض على ابن عبد البر حين جعل روايته كرواية المسعودي
والخلاصة أنها رواية معضلة
فهل يصح الإعتماد على مثل هذه الرواية المعضلة
في اتهام معاوية بهذه الجريمة النكراء
نعوذ بالله من قلة الورع
¥