وَخَذَلَهُ، وَجَحَدَ حَقَّهُ، قَالَ: فَلَمَّا رأه أبُو طَالِبٍ سَرَّهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتِ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ اهْتَزَّ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَضَحِكَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَالَ: ثُمَّ تَنَحْنَحَ بإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، وقَالَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) إِلَى آخِرِ الآيَاتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: قَدْ أَفْلَحُوا بِكَ، وَقَرَأَ تَمَامَ الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ «أُولَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))، فقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: أَنْتَ وَاللهِ أَمِيرُهُمْ، تَمِيرُهُمْ مِنْ عُلُومِكَ فَيَمْتَارُونَ، وَأَنْتَ وَاللهِ دَلِيلُهُمْ وَبِكَ يَهْتَدُونَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِفَاطِمَةَ: اذْهَبِي إِلَى عَمِّهِ حَمْزَةَ فَبَشِّرِيهِ بِهِ، فقَالَتْ: فَإِذَا خَرَجْتُ أَنَا، فَمَنْ يَرْوِيهِ؟، قَالَ: أَنَا أَرْوِيهِ، فقَالَتْ فَاطِمَةُ: أَنْتَ تَرْوِيهِ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِسَانَهُ فِي فِيهِ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنَاً، قَالَ: فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَلَمَّا أَنْ رَجَعَتْ فَاطَمَةُ بِنْتُ أَسَدِ رَأَتْ نُورَاً قَدْ ارْتَفَعَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ شَدَّتْهُ وَقَمَّطَتْهُ بِقُمَاطٍ، فَبَتَرَ الْقُمَاطَ، قَالَ: فَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ قُمَاطَاً جَيِّدَاً فَشَدَّتْهُ بِهِ، فَبَتَرَ الْقُمَاطَ، ثُمَّ جَعَلَتْهُ فِي قُمَاطَيْنِ فَبَتَرَهُمَا، فَجَعَلَتْهُ ثَلاثَةً فَبَتَرَهَا، فَجَعَلَتْهُ أَرْبَعَةَ أَقْمِطَةً مِنْ رِقِّ مِصْرَ لِصَلابَتِهِ فَبَتَرَهَا، فَجَعَلَتْهُ خَمْسَةَ أَقْمِطَةً دِيبَاجٍ لِصَلابَتِهِ فَبَتَرَهَا كُلَّهَا، فَجَعَلَتْهُ سِتَّةً مِنْ دِيبَاجٍ وَوَاحِدَاً مِنْ الأَدَمِ فَتَمَطَّى فِيهَا، فَقَطَعَهَا كُلَّهَا بإِذْنِ اللهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا أُمَّهُ لا تَشُدِّي يَدِي، فَإِنَّي احْتَاجُ إِلَى أَنْ أُبَصْبِصَ لِرَبِّي بِإِصْبُعِي، قَالَ: فقَالَ أبُو طَالِبٍ عِنْدًَ ذَلِكَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ وَنَبَأٌ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلَى فَاطِمَةَ، فَلَمَّا بَصُرَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِرِسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَضَحِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ خُذْنِي إِلَيْكَ، وَاسْقِنِي مِمَّا سَقَيْتَنِي بِالأَمْسِ، قَالَ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: عَرَفَهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَلِكَلامِ فَاطِمَةَ، سُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَرَفَةَ - يَعْنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ عَرَفَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ -، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، وَكَانَ الْعَاشِرَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، أَذَّنَ أبُو طَالِبٍ فِي النَّاسِ أَذَانَاً جَامِعَاً، وقَالَ: هَلُمُوا إِلَى وَلِيمَةِ ابْنِي عَلِيٍّ، قَالَ: وَنَحَرَ ثَلاثَ مِائَةٍ مِنَ الإِبِلِ، وَأَلْفَ رَأْسٍ مِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَاتَّخَذَ وَلِيمَةً عَظِيمَةً، وقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَلا مَنْ أَرَادَ مِنْ طَعَامِ عَلِيٍّ وَلَدِي فَهَلُمُوا، وَطُوفُوا بِالْبَيْتِ سَبْعَاً، وَادْخُلُوا وَسَلِّمُوا عَلَى وَلِدي عَلِيٍّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَّفَهُ، وَلِفِعْلِ أَبِي طَالِبٍ شُرِّفَ يَوْمُ
¥