وَيُفَنِّدُ مَزَاعِمَهُمْ بِصِحَّةِ جَمِيعِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ الأَرْبَعَةِ الْمُوَثَّقَةِ

وَيُؤَكِّدُ أَنَّهَا غَيْرُ قَطْعِيَّةِ الصُّدُورِ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ الصَّادِقِينَ

ـــــــــ

قَالَ أبُو الْقَاسِمِ الْمُوسَوِيُّ الْخوئىُّ فِي ((مُعْجَمِ رِجَالِ الْحَدِيثِ)) (ج1/ص81):

((الْفَصْلُ الأَوَّلُ: النَّظَرُ فِي صِحَّةِ رِوَايَاتِ «الْكَافِي»:. وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الأَعْلامِ أَنَّ رِوَايَاتِ «الْكَافِي» كُلَّهَا صَحِيحَةٌ وَلا مَجَالَ لِرَمِي شَئٍ مِنْهَا بِضَعْفِ سَنَدِهَا. وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الأُسْتَاذَ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ حُسَيْنٍ النَّائِينِيَّ فِي مَجْلِسِ بَحْثِهِ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُنَاقَشَةَ فِي إِسْنَادِِ رِوَايَاتِ «الْكَافِي» حِرْفَةُ الْعَاجِزِ». وَقَدْ اسْتَدَلَّ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ: «أَمَّا بَعْدُ .. فَقَدْ فَهِمْتُ يَا أَخِي مَا شَكَوْتَ، وَذَكَرْتَ أَنَّ أُمُورَاً قَدْ أَشْكَلَتْ عَلَيْكَ، لا تَعْرِفُ حَقَائِقَهَا لاخْتِلافِ الرِّوَايَةِ فِيهَا، وَأَنَّك تَعْلَمُ أَنَّ اخْتِلافَ الرِّوَايَةِ فِيهَا لاخْتِلافِ عِلَلِهَا وَأَسْبَابِهَا، وَأَنَّكَ لا تَجِدُ بِحْضَرَتِكَ مَنْ تُذَاكِرُهُ وَتُفَاوِضُهُ مِمَّنْ تَثِقُ بِعِلْمِهِ فِيهَا، وَقُلْتَ: إِنَّكَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ كِتَابٌ كَافٍ يُجْمَعُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ فُنُونِ عِلْمِ الدِّينِ، مَا يَكْتَفِي بِهِ الْمُتَعَلِّمُ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ الْمُسْتَرْشِدُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَنْ يُرِيدُ عِلْمَ الدِّينِ، والعمل بِالآثَارِ الصَّحِيحَةِ عَنْ الصَّادِقِينَ عَلَيْهِمْ السَّلامُ، والسنن القائمة الَّتِي عَلَيْهَا الْعَمَلُ، وَبِهَا يُؤدَى فَرْضُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَقُلْتَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَاً يَتَدَارَكُ اللهُ تَعَالَى بِمَعُونِتِهِ وَتَوْفِيقِهِ إِخُوانَنَا وَأَهْلَ مِلَّتِنَا، وَيُقْبِلُ بِهِمْ إِلَى مَرَاشِدِهِمْ. وَقَدْ يَسَّرَ اللهُ - وَلَهُ الْحَمْدُ - تَأْلِيفَ مَا سَأَلْتَ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَوَخَيْتَ، فَمَهْمَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَقْصِيرٍ، فَلَمْ تُقَصِّرْ نِيْتَنَا فِي إِهْدَاءِ النَّصِيحَةِ، إِذْ كَانَتْ وَاجِبَةً لأخُوانِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا، مَعَ مَا رَجَوْنَا أَنْ نَكُونَ مُشَارِكِينَ لِكُلِّ مَنْ اقْتَبَسَ مِنْهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ فِي دَهْرِنَا هَذَا، وَفِي غَابِرِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، إِذْ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ، وَالرَّسُولُ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتِ اللهُ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاحِدٌ، وَالشَّرِيعَةُ وَاحِدةٌ، وَحَلالُ مُحَمَّدٍ حَلالٌ، وَحَرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَوَسِعَنَا قَلِيلاً كِتَابُ الْحُجَّةِ، وَإِنْ لَمْ نُكْمِلْهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، لأَنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَبْخِسَ حُظُوظَهُ كُلَّهَا» اهـ.

وَوَجْهُ الاسْتِدْلالِ: أَنَّ السَّائِلَ إِنَّمَا سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ تَأْلِيفَ كِتَابٍ جَامِعٍ لِفُنُونِ عِلْمِ الدِّينِ بِالآثَارِ الصَّحِيحَةِ عَنْ الصَّادِقِينَ عَلَيْهِمْ السَّلامُ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَدْ لَبَّى دَعْوَتَهُ فَأَلَّفَ لَهُ كِتَابَ «الْكَافِي»، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَتَبَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ إِتْمَامِ الْكِتَابِ، حَيْثُ قَالَ: «وَقَدْ يَسَّرَ اللهُ - وَلَهُ الْحَمْدُ - تَأْلِيفَ مَا سَأَلْتَ»، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا أَلَّفَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ الآثَارِ الصَّحِيحَةِ عَنْ الصَّادِقِينَ سَلامُ اللهِ عَلَيْهِمْ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015