وكان بدو سماعه الحديث في أول سنة خمس عشرة وثلاثمائة كما أخبرنا أحمد بن الحسن البزاز قال أخبرنا أبو بكر البرقاني الحافظ قال
ذكرت لأبي الحسن أخبرنا عُبيد بن حَربُويه فذكر من جلالته وحفظه وقال لي حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح ولعله مات قبله بعشرين سنة
قلت أصله بغدادي
قال نعم ثم قال لي لم يحصل لي عنه حرف وقد مات بعد أن كتبت الحديث بخمس سنين
ثم قال كتبت في أول سنة خمس عشرة وثلاثمائة
فصل
أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب ابن الإمام أبي عبد الله بن منده قال قال أبي زفر حُكم الصحابي إذا روى عَنْهُ تابعي وإن كان مشهوراً مثل الشعبي وسعيد بن
--------------------------------------------------------------------------------
أطراف الغرائب والأفراد ج:1 ص:52
المسيب ينسب إلى الجهالة فإذا روى عنه رَجُلان صار مشهوراً واحتج به على هذا محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج في كتابيهما الصحيحين إلا أحرفاً من أثرهما وأما الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريباً وإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث سمي عزيزا وإذا روى الجماعة حديثاً سمي مشهوراً قال المقدسي
اعلم أن الغرائب والأفراد على خمسة أنواع
النوع الأول
غرائب وأفراد صحيحة وهو أن يكون الصحابي مشهورا برواية جماعة من التابعين عنه ثم ينفرد بحديث عنه أحد الرواة الثقات لم يروه عنه غيره ويرويه عن التابعي رجل واحد من الأتباع ثقة وكلهم من أهل الشهرة والعدالة وهذا حد في معرفة الغريب والفرد الصحيح وقد أخرج نظائر في الكتابين
والنوع الثاني
من الأفراد أحاديث يرويها جماعة من التابعين عن الصحابي ويرويها عن كل واحد منهم جماعة فينفرد عن بعض رواتها بالرواية عنه رجل واحد لم يرو ذلك الحديث عن ذلك الرجل غيره من طرق تصح فإن كان قد رواه عن الطبقة المتقدمة عن شيخه إلا أنه من رواية هذا المتفرد عن شيخه لم يرويه عنه
والنوع الثالث
أحاديث يتفرد بزيادة ألفاظ فيها واحد عن شيخه لم يرو تلك الزيادة غيره عن ذلك الشيخ فينسب إليه التفرد بها وينظر في حاله
والنوع الرابع
متون اشتهرت عن جماعة من الصحابة أو عن واحد منهم فروي ذلك المتن عن غيره من الصحابة ممن لا يعرف به إلا من طريق هذا الواحد ولم يتابعه عليه غيره
والنوع الخامس
من التفرد أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم وسنن ينفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها في غير مصرهم وليس هذا النوع مما أراده الدار قطني ولا ذكره في هذا الكتاب إلا أن ذكراه في بابه
ولكل نوع من هذه الأنواع شواهد وأدلة لم نذكرها للاختصار والمتبحر يعلم ذلك في أثناء هذا الكتاب
--------------------------------------------------------------------------------
أطراف الغرائب والأفراد ج:1 ص:53
ورُب حديث صحيح متنه مخرج في الصحيح إلا أن أبا الحسن أورد هاهنا من طريق آخر ينفرد بروايته بعض المقلة وله طرق صحيحة على ما بيناه فيعتقد من لا خبرة له بالحديث أن هذا الأمر لم يروه عن هذا الرجل المتفرد به ليس كذلك فإن الرواة يتميز بعضهم على بعض بالحفظ والإتقان فإن عيسى بن يونس يروي عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة حديث أم زرع ويرويه غيره ممن لا يحفظ عن هشام غير أبيه عن عائشة فتلك الطريق المشهورة فيورده أبو الحسن من هذه الرواية الثانية ويذكر تفرده به عن هشام وعلى هذا المثال أحاديث كثيرة يختلف الرواة في إيراد طرقها وينفرد بها رجل فيعد في أفراده ويكون الصحيح خلافه وإن كانت متونها صحيحة ثابتة من رواية الثقات ممن ينظر في تفرد باب الحديث في هذا الكتاب عن غيره فإن كان من الأحاديث المشهورة الصحيحة عرف تفرد هذا الراوي وأنه قد روي من غير وجه من غير طريقه وإن كان حُكماً لم يرد إلا من طريق هذا المتفرد نظر في حاله وحال رواته عن آخرهم فإن كانوا هم من أهل العدالة والثقة والحفظ قبل منه ما تفرد به عنهم وقد تقدم بابه وهو الصحيح من الأفراد وإن كانوا من أهل الجرح والضعف وسوء الحفظ وكثرة الخطأ لم يحتج بتفرده ولم يعتد به لا سيما الأحاديث التي يتفرد بروايتها أهل الهواء عن الكذبة المتروكين والضعفاء والمجروحين عن الثقات أو عن أمثالهم من الضعفاء
¥