ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[09 - 02 - 05, 09:01 ص]ـ
الْحَمْدُ للهِ بِالْعَشِى وَاِلإِشْرَاقِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى مَنْ وَقَعَ عَلَى مَحَبْتِهِ الإِتْفَاقُ، وَطَلَعَتْ شُمُوسُ أَنْوَارِهِ فِي غَايَةِ الإِشْرَاقِ، وَتَفَرَّدَ فِى مَيْدَانِ الْكَمَالِ بِحُسْنِ الإِسْتِبَاقِ، النَّاصِحِ الأَمِينِ الَّذِي اهْتَدَى الْكَوْنُ كُلُّهُ بِعِلْمِهِ وَعَمْلِهِ، وَالْقُدُوَةِ الْمَكِينِ الَّذِي اقْتَدَى الْفَائِزُونَ بِحَالِهِ وَقَوْلِهِ، نَاشِرِ أَلْوِيَةِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، وَمُسْدِي الْفَضْلِ لِلأَسْلافِ وَالْخَوَالِفِ، الدَّاعِي عَلَى بَصِيرَةٍ إِلَى دَارِ السَّلامِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَالْبَشِيرِ النَّذِيرِ عَلَمِ الأَئَمَّةِ الأَعَلامِ، الآَخِذِ بِحُجُزِ مُصَدِّقيِّهِ عَنْ التَّهَافُتِ فِي مَدَاحِضِ الأَقْدَامِ، وَالتَّتَابُعِ فِي مَزَلاتَ الْجَرْأَةِ عَلَى الْعِصْيَانِ وَالآَثَامِ.
وبَعْدُ.قَالَ الإِمَامُ الحُجَّةُ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللهِ الْلالْكَائِى فى ((أُصُولُ اِعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ)) (1/ 7): ((فَإِنَّ أَوْجَبَ مَا عَلَى الْمَرْءِ: مَعْرِفَةُ اِعْتِقَادِ الدِّينِ، وَمَا كَلَّفَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ، مِنْ فَهْمِ تَوْحِيدِهِ وَصِفَاتِهِ، وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ بِالدَّلائِلِ وَالْيَقِينِ، وَالتَّوَصُّلِ إِلَى طُرُقِهَا، وَالاسْتِدِلالِ عَلَيْهَا بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ.
وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَقُولٍ، وَأَوْضَحِ حُجَّةٍ وَمَعْقُولٍ:
كِتَابُ اللهِ الْحَقُّ الْمُبِينُ.
ثُمَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَصَحَابَتِهِ الأَخْيَارِ الْمُتَقِينَ.
ثُمَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ.
ثُمَّ التَّمَسُّكُ بِمَجْمُوعِهَا وَالْمُقَامُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
ثُمَّ الاِجْتِنَابُ عَنْ الْبِدَعِ وَالاِسْتِمَاعِ إِلَيْهَا مَمَا أَحْدَثَهَا الْمُضِلُونَ.
فَهَذِهِ الْوَصَايَا الْمَوْرُوثَةُ الْمَتْبُوعَةُ، والآَثَارُ الْمَحْفُوظَةُ الْمَنْقُولَةُ، وَطَرَائِقُ الْحَقِّ الْمَسْلُوكَةُ، وَالدَّلائِلُ الْلائِحَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَالْحُجَجُ الْبَاهِرَةُ الْمَنْصُورَةُ، الَّتَى عَمِلَتْ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ خَاصَّةِ النَّاسِ، وَعَامَّتِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَاعْتَقَدُوهَا حُجَّةً فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ مَنْ اِقْتَدَى بِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ، وَاِقْتَفَى آثَارَهُمْ مِنْ الْمُتَبِّعِينَ، وَاِجْتَهَدَ فِي سُلُوكِ سَبِيلِ الْمُتَقِينَ، وَكَانَ ((مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُمْ مُّحْسِنُونَ)) (128: سورة النحل).
فَمَنْ أَخَذَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَحَجَّةِ، وَدَاوَمَ بِهَذِهِ الْحُجَجِ عَلَى مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ، أَمِنَ فِي دِيْنِهِ التَّبِعَةَ فِي الْعَاجِلَةِ وَالآَجِلَةِ، وَتَمَسَّكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا، واتقى بالْجُنَّةِ الَّتِي يُتَقَّي بِمِثْلِهَا، لِيَتَحَصَّنَ بِحِمَايَتِهَا، وَيَسْتَعْجِلَ بَرَكَتَهَا، وَيَحْمِدَ عَاقِبَتَهَا، فِي الْمِعَادِ وَالْمَآلِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا، وَاِبْتَغَى فِي غَيْرِهَا مَمَا يَهَوْاهُ، أَوْ يَرُومُ سِوَاهَا مَمَا تَعَدَّاهُ، أَخْطَأَ فِي اِخْتِيَارِ بُغْيَتِهِ وَأَغْوَاهُ، وَسَلَكَهُ سَبِيلَ الضَّلالَةِ وَأَرْدَاهُ، فِي مَهَاوِي الْهَلَكَةِ فِيمَا يَعْتَرِضُ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ بِضَرْبِ الأَمْثَالِ، وَدَفَعَهُمَا بِأَنْوَاعِ الْمُحَالِ، وَالْحَيْدَةِ عَنْهُمَا بِالْقِيلِ وَالْقَالِ، مَمَا لَمْ يُنَزِّلُ اللهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ، وَلا عَرَفَهُ أَهْلُ التَّأَوِيلِ وَالْلِسَانِ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ عَاقِلٍ بِمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ بُرْهَانٍ، وَلا اِنْشَرَحَ لَهُ صَدْرُ مُوَحِّدٍ عَنْ فِكْرٍ أَوْ
¥