ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[20 - 09 - 04, 06:25 م]ـ
أجزل الله لك المثوبة ونفعنا بعلومكم- آمين-
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[20 - 09 - 04, 06:30 م]ـ
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتاب الاعتصام
والثالث أنه ثبت في الصحاح عن الصحابة رضى الله عنهم أنهم يتبركون بأشياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففى البخارى عن ابى جحيفة رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالهاجرة فأتى بوضوء فتوضأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به الحديث وفيه كان إذا توضأ يقتتلون على وضوئه وعن المسور رضى الله عنه في حديث الحديبية وما انتخم النبى صلى الله عليه وسلم
نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فذلك بها وجهه وجلده وخرج غيره من ذلك كثيرا في التبرك بشعره وثوبه وغيرهما حتى انه مس بإصبعه أحدهم بيده فلم يحلق ذلك الشعر الذي مسه عليه السلام حتى مات
وبالغ بعضهم في ذلك حتى شرب دم حجامته - إلى أشياء لهذا كثيرة فالظاهر في مثل هذا النوع أن يكون مشروعا في حق من ثبتت ولايته واتباعه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأن يتبرك بفضل وضوئه ويتدلك بنخامته ويستشفى بآثاره كلها ويرجى نحو مما كان في آثار المتبوع الأصل صلى الله عليه وسلم
إلا أنه عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه مشكل في تنزيله وهو أن الصحابة رضى الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم شىء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه إذ لم يترك صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة افضل من أبى بكرالصديق رضى الله عنه فهو كان خليفته ولم يفعل به شىء من ذلك ولا عمر رضى الله عنهما وهو كان أفضل الأمة بعده ثم كذلك عثمان ثم على ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركا تبرك به على أحد تلك الوجوهأو نحوها بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبى صلى الله عليه وسلم
فهو إذا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء
وبقى النظر في وجه ترك ما تركوا منه ويحتمل وجهين
أحدهما أن يعتقدوا في الاختصاص وان مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله للقطع بوجود ما التمسوا من البركة والخير لأنه عليه السلام كان نورا كله في ظاهره وباطنه فمن التمس منه نورا وجده على أي جهة التمسه بخلاف غيره من الأمة - وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله - لا يبلغ مبلغه على حال توازيه في مرتبه ولا تقاربه فصار هذا النوع مختصا به كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع وإحلال بضع الواهبة نفسها له وعدم وجوب القسم على الزوجات وشبه ذلك فعلى هذا المأخذ لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرك على احد تلك الوجوه ونحوها ومن اقتدى به كان اقتدؤه بدعة كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة
الثاني أن لا يعتقدوا الاختصاص ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع خوفا من أن يجعل ذلك سنة - كما تقدم ذكره في اتباع الآثار - والنهى عن ذلك او لان العامة لا تقتصر في ذلك على حد بل تتجاوز فيه الحدود وتبالغ بجهلها في التماس البركة حتى يداخلها المتبرك به تعظيم يخرج به عن الحد فربما اعتقد في المبترك به ما ليس فيه وهذا التبرك هو أصل العبادة ولأجله قطع عمر رضى الله عنه الشجرة التى بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بل هو كان اصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية - حسبما ذكره أهل السير – فخاف عمر رضى الله عنه أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تعبد من دون الله
فكذلك يتفق عند التوغل في التعظيم
ولقد حكى الفرغانى مذيل تاريخ الطبرى عن الحلاج أن أصحابه بالغوا في التبرك به حتى كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته حتى أدعوا فيه الإلهية تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
ولأن الولاية وإن ظهر لها في الظاهر آثار فقد يخفى أمرها لانها في الحقيقة راجعة إلى أمر باطن لا يعلمه إلا الله فربما ادعيت الولاية لمن ليس بولى او ادعاها هو لنفسه أو أظهر خارقة من خوارق العادات هي من باب الشعوذة لا من باب الكرامة او من باب
أو الخواص أو غير ذلك والجمهور لا يعرف الفرق بين الكرامة والسحر فيعظمون من ليس بعظيم ويقتدون بمن لا قدوة فيه - وهو الضلال البعيد - إلى غير ذلك من المفاسد
فتركوا العمل بما تقدم - وإن كان له أصل - لما يلزم عليه من الفساد في الدين
وقد يظهر باول وهلة أن هذا الوجه الثاني راجح لما ثبت في الأصول العلمية أن كل قربة أعطيها النبى صلى الله عليه فإن لأمته أنموذجا منها ما لم يدل دليل على الاختصاص
إلا أن الوجه الأول أيضا راجع من جهة أخرى وهو إطباقهم على الترك إذ لو كان اعتقادهم التشريع لعمل به بعضهم بعده او عملوا به ولو في بعض الأحوال إما وقوفا مع أصل المشروعية وإما بناء على اعتقاد انتقاء العلة الموجبة للامتناع
وقد خرج ابن وهب في جامعه من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثنى رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه ونخامته فشربوه ومسحوا به جلودهم فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم لم تفعلون هذا قالوا نلتمس الطهور والبركة بذلك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث وليؤد الأمانة ولا يؤذ جاره فإن صح هذا النقل فهو مشعر بأن الأولى تركه وأن يتحرى ما هو الآكد والاحرى من وظائف التكليف ولا يلزم الإنسان في خاصة نفسه ولم يثبت من ذلك كله إلا ما كان من قبيل الرقية وما يتبعها او دعاء الرجل لغيره على وجه سيأتى بحول الله
) انتهى.
¥