”القصيدة غزليّة في ألقاب الحديث”، ونظائرها

ـ[عبدالله الشمراني]ــــــــ[04 - 08 - 03, 03:24 ص]ـ

اشتهرت القصيدة الغزليّة في ألقاب الحديث؛ لناظمها: الحافظ، الزاهد: أحمد بن فَرْح (1)، أبو العباس، الأشبيلي، الشافعي (625 ـ 699هـ)، وتقع هذه القصيدة في (عشرين) بيتًا (2).

يقول في مطلعها:

غرامي (صحيح) والرجاء فيك (معضل) ... وحزني ودمعي (مرسل) و (مسلسل)

وصبري عنكم يشهد القلب أنَّه ... (ضعيف) و (متروك) وذلي أجمل

ولا (حسن) إلا (سماع) (حديثكم) ... (مشافهة) (يُملى) علي فـ (أنقل)

وأمري (موقوف) عليك وليس لي ... على أحد إلا عليك المعول

وهي ”غزليّة” في ظاهرها، وما أراد بها ناظمها إلا الترويح عن نفسه، وإخوانه، ولم يَعِبْهَا عليه من ترجموا له، بل ذكرها العلماء في ترجمته، دون اعتراضٍ عليها (3)، وسمعها منه: الذهبي، والدمياطي، واليونيني، وأبو العباس النَّابُلُسِيّ (4)، فلا تثريب عليه في الترويح عن نفسه بمثل هذه الأبيات.

ومِمَّا يؤكد طهر النَّاظم، ما ذكروه في ترجمته، فهو ذو ديانة، وورع، وصيانة، وصلاح، وصدق، وسكينة، ووقار، اشتهر بالعبادة، والزهد، وكان إماماً، حافظاً، محدثاً.

قال عنها الشيخ: تاج الدين السبكي ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ت (771هـ) في: ”طبقات الشافعية الكبرى” (8/ 29):

(قصيدة بليغة؛ جامعة لغالب أنواع الحديث) أ. هـ

وقال الشيخ: عبدالحي (ابن العماد) الحنبلي ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ت (1089هـ) في: ”شذرات الذهب” (7/ 776):

(حفظها جماعة، وعلى فهما عوَّلوا) أ. هـ

وقال الشيخ الأديب: أحمد بن محمد المَقَّرِيُّ (5) التلمساني ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ت (1041هـ) في: ”نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب” (2/ 531):

(شَرَحَ هذه القصيدة جماعة من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم، وهي وحدها دالَّة على تمكّن الرجل) أ. هـ

وقال العلامة: محمد السفاريني ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ت (1189هـ) في: ”المُلَحُ الغراميّة” (ص 18):

(نَظَمَ قصيدته اللاميّة، فأبدع على سبيل الطرق الفَراسِيّة، وأتى بجملةٍ من أقسام المصطلح في ضمنها على سبيل التَّوْرِية، فزادت بذلك ملاحتها، وظهرت فصاحتها) أ. هـ

[شروح: ”القصيدة الغزليّة”]:

(1) شرحها: الإمام: خليل بن أيبك، أبو الصفاء، الصفدي ت (764هـ) في: ”التذكرة” (6).

(2) ”زوال التَّرَح في شرح منظومة ابن فرح” (7)؛ للشيخ: محمد بن أحمد بن جماعة ت (806هـ).

(3) ”شرح” الشيخ: يحيى بن عبد الرحمن، القَرَافي ت ( ... هـ) (8).

(4) ”شرح” الشيخ: محمد بن محمد (الأمير)، المالكي ت (1232هـ) (9).

ويظهر أنَّ الذين قاموا بشرحها إنَّما اقتصروا على بيان المراد منها فيما يخص أنواع علوم الحديث، ولمْ يتعرضْ أحد منهم لحل معانيها البديعة، وكلماتها البليغة الرفيعة، وهذا ما جعل العلامة السفاريني ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ ينتهض لشرحها (10)، فقام بعمله على أكمل وجه، في رسالة علمية أدبية بديعة، سمَّاها:

(4) ”المُلَحُ الغَرامِيَّة شَرْح منظومة ابن فَرْح اللامِيَّة”، [ط].

[نظائر قصيدة ابن فَرْح]:

لم يكن الأشبيلي وحيداً في هذا الباب بل شاركه غيره:

جاء في: ”النَّور السَّافر” (ص 358 ـ 359):

(وفيها [أي سنة: (985هـ)] كان ختم ”صحيح البخاري” بحضرة سيدي الوالد، وأنشأ الشيخ: عبد المعطي في ذلك قصيدة طنانة؛ وهي:

حديث غرامي (مسند) و (مسلسل) ومطلق دمعي فوق خدي (مرسل)

وعشقي (صحيح) والعواذل قولهم (ضعيف) و (متروك) هباً متقول

وما (حسن) إلا الأحاديث عنكم وأما حديث عن سواكم فـ (معضل)

أحبتنا طبتم فطاب حديثكم وطاب (سماعي) عنكم حين ينقل

خلعت عذاري في هواكم أحبتي وقد لذ لي فيه العنا والتذلل

ولي بين سفحي لعلع وطويلع فؤاد كئيب مستهام (معلل)

إلى آخر ما قاله ...

والقصيدة لا تقل جمالاً عن ”غزلية” الأشبيلي، لو لا ما فيها من مخالفات في العقيدة.

ولم يكن النَّحويون أقل حظاً من المحدثين في هذا الباب فقد تغزلوا بـ: ”قواعد النحو” في أكثر من بيت، ووقفت على أكثر من قصيدة؛ ومن ذلك كلامهم على ”التنوين”، و ”الإضافة” وأنَّهما لا يجتمعان؛ لما بين مدلوليهما من المنافاة:

فقال أحدهم:

كَأنَّكَ (تَنْوينٌ) وَأنَّي (إِضَافةٌ) فَحَيثُ تَرَانِي لاَ تَحِلُّ مَكَانِيا

وقال آخر:

وَكُنَّا (خَمْسَ عَشرَةَ) فِي التِئامٍ عَلَى رَغْمِ الحَسُودِ بِغَيْرِ آفَه

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015