ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[22 - 06 - 04, 01:02 ص]ـ
الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وكَرِهَ لعباده قِيلَ وقَالَ ومنعًا وهَات، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الآمر بالمعروف النَّاهِي عن المنكرات، الذي بلغ الرسالة فحفظ العهد والأمانات، وعلى آله وصحبه رفيعي الدرجات، ومن سار على هديهم إلى يومٍ يصير فيه الإيمان شهادة، والمَغِيبات.
وبعد:
فقد أُمِرْتُ بِالْعَدْلِ عِنْدَ الْمَشْنَأَة، ولم أسهُ حتى أُكِلَتْ المِنْسَأَة، أَنَذَا أرُدّ على الإساءَةِ بالإحسانِ، وأقابلُ القطعَ بالوصلانِ، فيا منْ عابني بما ليس فِيَّ نَقِيرَا! وقامَ بِتَخْطِئَتي نذيرا، فزادت كلماتُهُ عن العتاب، فنزلت مني منزلَ السَّوْطِ من العذاب.
يا شيخُ، لم أتعمَّدْ في سالف المقال تحَْريرا، ولَإِنْ فعلتُ لحبَّرته تحبيرا، وإنما خَطَطْتُ ما ازداد من أفكاري عاريا، ولم أكن لِقَلَمِ كلماتي باريا. قصدت بمشاركتي الإفادة، وما تَيَمَّمْت فوقَ الحديث زِيادة. فإن عجلتُ فالحِلمُ منكُمْ لازِبْ، أو أخطأت فالتصحيح واجبْ، أما أن نستَعِيضَ عن العلم بالإنشاءِ، وعن ستر العيب بالإفشاءِ؟؟ فهذه هي الفَجأة! مِمَّنْ يُشْهدُ له بقَبْلِيَّةِ البَدْأة.
فلا تكن كَهُمْ، واترك الإساءة لهم، ودَع مقامك بالعلم عاليا، واجعل خُلقَك بالسماحة حاليا، فأهل الحديث أهل الدينِ، بلغوا الذي بلغوا بالرفقِ واللينِ، فَخُذْهَا موعظةً من الْمُعْطِيكَهَا، وتَقَبَّلْها تحيةً من الْمُحَيِّيكَهَا، فتَعَالَ نَفْتَحْ جَدِيدَةً (1) من يَقَقِ الكتَابِ، ولا نَرْضَ من الغنيمة بالعتابِ، فنطرقَ بالخير أبواب القلوبِ، ونُشِيعَ الحَسَنَاتِ بَدَلَ الْعُيُوبِ.
ولكم أقول:
جزاكم الله على تقاديمكم ومساعيكم لإنارة الملتقى، وفإن فوائدكم تُبْلِغُ المرتقى،
مما يُفرح العالم قبل الطالب، والعدُوَّ قبل الصاحب،
فأدامكم الله للأجيال، وتقبل منكم الأعمال،
ووفقكم لما يحب ويرضى. وأيدكم بنصره فنعم المولى.
(1) أي صفحة جديدة.
مصطفى بن عبد الرحمن الشنضيض الفاسي البيضاوي نزيل كوبنهاجن.
ملحوظة: الشنضيض تصحيف عن الصنديد،
هكذا كان إلى الأربعينيات (والقصة طويلة)
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[22 - 06 - 04, 01:50 م]ـ
الحمد لله المانح فضله من عفا. والصلاة والسلام الزاكيان على نبيه المصطفى. وآله المستكملين الشرفا.
يا ذا الأصالة الفاسيَّة. والنجابة القبليَّة
تأنيت الجواب. فجاءنى العتابُ والعقاب. فهششتُ لهما كما هشَّ الكريمُ إذا أُمّ. وقلتُ فاسمعْ يا ابن أُمّ.
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً. كيف جعلتنى آبقاً عن السماح عصيَّا. فما دهاكَ منى!. لتنشر هذا الخزى عنى!. فهل أتاك نبأ الأشعرى. ((إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَلا الْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ))!.
يا ذا الفهم المغربى. والسماح الأرحبى
لقد بريت لك قلماً بالنصح خاطبا. فأصلدتنى سيفاً حاطبا. وأجريتنى معك فى حلبة نزاع. وجردتنى من كرائم السجايا والطباع. ولم آلوكَ نصحاً وإرشادا. فأنقعتنى غلظةً وعنادا. فهبنى عزَّرتكَ تلويحا. أتمطرنى هجواً وتجريحا!.
ثمَّ رشتَ جناح الأذى بمديح. فكيف بالرضا وقد سبق التجريح. فلولا ولوع بالسماح والوئام. لقلنا ليس ذا وقتَ القبول فارجعى بسلام. ولكنَّ الكريمَ يُغرُّ ويُخْدع. ولستُ بأول ذى حلمٍ له العصا تُقْرع!.
فلستُ أبالى أن يكونَ بى الأذى ... إذا ما الأذى لم يُصبْ بالكُره مُسْلِما
صفوحٌ عن الزَّلاتِ حتَّى كأنَّنى ... من الصفحِ لا أرى فى الصحبِ مُجْرِما
فالشيخ يُنهى وصولَ السيف الذى قطَّع أوصالَ الجفا. وأضافه إلى أدويته فحصل به البرءُ والشِّفا.
ــــــ هامش ـــــــ
((يا ابنَ أُمّ)) قالها نبى الله هارون عتاباً وتأنيباً لشقيقه موسى بن عمران عليهما السلام لما أخذ برأسه ولحيته.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[22 - 06 - 04, 07:56 م]ـ
الحمد لله الداعي إلى دار السلام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وصحبه سائر الأيام.
وبعد:
يا ابنَ مَنْبَعِ الْجِنَانْ، النيلِ العظيمِ السمحِ الرَّيَّانْ، الَّذِي له الفَضْلُ بعد الرحْمَنْ، على مصْرَ أَرْضِ الكِنَانْ.
يا ابن بلاد الأزهر الْمُزْهِرْ، فائِضِ الجوانب الْمُبْهِرْ، بالعلم الذي دَفَّا، قلوب العالمين فوفَّى.
لم أقصد في كلامي الإساءة، فلم يعرف لساني قطُّ البذاءة،
ولا يوما وصل إلى الدناءة، وإن كانت منكم البَدَاءَةْ،
فلا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم، ومعْ ذلك صَفَحْتُ كما عُلِم،
ولم أكن أَعزَلَ الحروفِ، ولا حانيا للرأسِ كالخَرُوفِ،
وإنما هو كظم الغيظ والعفو عن الناس، عندما شُبِّهْتُ باليهود الأنجاس،
فطلبتَ مني قول الحطة مع التَّسْلِيمِ، وأن أَكُونَ منْتَصحا في طور التعليم.
وجعلْتَني الحمارَ في قول شُعبةَ الحجَّاجْ، وعكَّرتَ صَفْوَ قَلْبِي والمِزاجْ.
واتُّهِمْتُ فِي صَرْفِ الكَلَامِ وَنَحْوِهْ، وأنا الفصيح ابن فاسَ وبَهْوِهْ.
أما الْآنَ فشَهْدُ كَلِمِكُمْ للسَّمَرِ حَلَّى، وعذبُهُ لمقام الملتقى علَّى،
ولم يُنسِنا مقامَ الجِدِّ أبداً وكلَّا، أو لم نُجِبْ نداء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحين كابن الْمُعَلَّى،
وإنما هي ساعَةٌ وساعَةْ، نقول ما نشتهي سماعَهْ،
بعد أنْ غِيضَ ماءُ البيانِ، وأقلعت سماء المعانِي.
فها هي القلوب اهتزت وربت أنبتت ومن كل زوج بهيجٍ،
وقد سُقِيت ببليغ الكلام وفاحت بعطر الأريج.
أقول:
يا سليل الأنسابِ بَيْنَنَا قَرَابة، فابتسم فإنها دُعَابة،
إن كانت مصر أم الدنيا الودود، كان المغربُ أباها الولود،
فَبِفُحُولَةِ الْأَبِ أَنْجَبَت أرْضُ الكِنَانَة، أصحابَ العِلْمِ والدين والأمانة.
وأنارت الطريقَ للعالِمِين، البعيدين منهم والأقربين.
والسلام
¥