..... وأما قول الخطابي والبيهقي وغيرهما: أنه غير متصل لأن الحي لم يسم أحد منهم فهو على طريقة بعض أهل الحديث يسمون ما في إسناده مبهم مرسلا أو منقطعا , والتحقيق إذا وقع التصريح بالسماع أنه متصل في إسناده مبهم , إذ لا فرق فيما يتعلق بالاتصال والانقطاع بين رواية المجهول والمعروف , فالمبهم نظير المجهول في ذلك , ومع ذلك فلا يقال في إسناد صرح كل من فيه بالسماع من شيخه إنه منقطع وإن كانوا أو بعضهم غير معروف.
قوله: (قال سفيان) هو ابن عيينة , وهو موصول بالإسناد المذكور.
قوله: (كان الحسن بن عمارة) هو الكوفي أحد الفقهاء المتفق على ضعف حديثهم , وكان قاضي بغداد في زمن المنصور ثاني خلفاء بني العباس , ومات في خلافته سنة ثلات أو أربع وخمسين ومائة. وقال ابن المبارك: جرحه عندي شعبة وسفيان كلاهما. وقال ابن حبان: كان يدلس عن الثقات ما سمعه من الضعفاء عنهم فالتصقت به تلك الموضوعات. قلت: وما له في البخاري إلا هذا الموضع.
قوله: (جاءنا بهذا الحديث عنه) أي عن شبيب بن غرقدة.
قوله: (قال) أي الحسن (سمعه شبيب عن عروة فأتيته) القائل سفيان والضمير لشبيب , وأراد البخاري بذلك بيان ضعف رواية الحسن بن عمارة وأن شبيبا لم يسمع الخبر من عروة وإنما سمعه من الحي ولم يسمعه عن عروة فالحديث بهذا ضعيف للجهل بحالهم , لكن وجد له متابع عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه من طريق سعيد بن زيد عن الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال حدثني عروة البارقي فذكر الحديث بمعناه , وقد قدمت ما في روايته من الفائدة , وله شاهد من حديث حكيم بن حزام وقد أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان عن شبيب عن عروة ولم يذكر بينهما أحدا , ورواية علي بن عبد الله وهو ابن المديني شيخ البخاري فيه تدل على أنه وقعت في هذه الرواية تسوية , وقد وافق عليا على إدخاله الواسطة بين شبيب وعروة أحمد والحميدي في مسنديهما وكذا مسدد عند أبي داود وابن أبو عمر والعباس بن الوليد عند الإسماعيلي , وهذا هو المعتمد.
قوله: (قال سفيان يشتري له شاة كأنها أضحية) هو موصول أيضا , ولم أر في شيء من طرقه أنه أراد أضحية , وحديث الخيل تقدم الكلام عليه في الجهاد مستوفى , وزعم ابن القطان أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل ولم يرد حديث الشاة وبالغ في الرد على من زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة محتجا به لأنه ليس على شرطه لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة , وهو كما قال لكن ليس بذلك ما يمنع تخريجه ولا ما يحطه عن شرطه , لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب , ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث , ولأن المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة فاستجيب له حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه. وأما مسألة بيع الفضولي فلم يردها إذ لو أرادها لأوردها في البيوع , كذا قرره المنذري , وفيه نظر لأنه لم يطرد له في ذلك عمل , فقد يكون الحديث على شرطه ويعارضه عنده ما هو أولى بالعمل به من حديث آخر فلا يخرج ذلك الحديث في بابه ويخرجه في باب آخر أخفى لينبه بذلك على أنه صحيح إلا أن ما دل ظاهره عليه غير معمول به عنده والله أعلم.
ولشيخنا الكريم الشيخ هيثم حمدان حفظه الله تعالى كلام في هذا الحديث ولا أعرف رابطه الآن في الملتقى وقد أفدت منه فجزاه الله خيرا
الحديث التاسع:
المناقب، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة 5/ 81
قال أبو عبد الله
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج قال أخبرني عبيد الله بن عمر عن نافع (1) يعني عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمس مائة فقيل له هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف فقال إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه.
قال الحافظ في الفتح 7/ 317:
¥