ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[19 - 03 - 04, 08:52 م]ـ
ذكر البيان بأن مالكاً احتج فى ((الموطأ)) برجال مجاهيل لم يرو عنهم إلا واحد، وقد وُثقوا لتخريج مالك أحاديثهم فى ((الموطأ)) ج3
راجع المقالين السابقين على الوصلتين التاليتين:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17906
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=17926
الحمد لله العزيز الغفار، الذى نصب فى كلّ جيلٍ طائفةً ليتفقهوا فى الدين ويستقرئوا سالف الآثار، وهيأهم لإدراك الصحيح والضعيف من السنن والأخبار، أولئك الذين تنجلى بهم الظلم، وتنكشف بهم الغمم، ويُهتدَى بهم على كرِّ الدهور والأعصار.
أحمده وهباته تنزل تترى على توالى الليل والنهار، وأرجوه وأخافه وبيده مقاليد الأمور ويعلم كمائن الأسرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً دلائلها مشرقة الأنوار، ونتيجة اعتقادها مباينة أهل العناد من المشركين والكفار، وأشهد أن محمداً عبده ورسولُه المجتبى ونبيُّه المختار. وبعد!
فإنَّ للمتأخرين مذهباً مرجوحاً فى تضعيف أحاديث المجاهيل مطلقاً، سواءاً كبارهم وصغارهم، وسواءاً روى عنهم الثقات أو غيرهم، وقد أردنا أن نوقفك على وعورة هذا المسلك، مع بيان أنه خلاف الراجح مما كان عليه سلف الأئمة من تلقى أحاديث بعضهم بالقبول والتصحيح والاحتجاج بها، وسوف نوقفك فى خاتمة هذا البحث على ثمانية مذاهب فى حكم رواية المجهول. وقد ذكرتُ فى مقالين سابقين أربعةً من النسوة المجهولات اللاتى احتجَّ بهن إمام دار الهجرة فى ((موطئه)):
(الأولى) كبشة بنت كعب بن مالك لم يرو عنها إلا حميدة بنت عبيد بن رفاعة.
(الثانية) حميدة أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف لم يرو عنها غير محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى.
(الثالثة) مرجانة أم علقمة مولاة عائشة لم يرو عنها غير ابنها علقمة.
(الرابعة) أم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان لم يرو عنها غير ابنها محمد.
واستقصيت أحاديثهن، وبينت تصحيح الأئمة إيَّاها وتلقيهم لها بالقبول.
وهذا حين الشروع فى ذكر جماعة من المجاهيل الذين وثقهم إمام أئمة التعديل والتزكية: مالك بن أنس، بتخريجه لأحاديثهم فى ((موطئه)). ولا يغيبنَّ عنك أن مالكاً كان شديد التحرى فى البحث عن الرجال، فلم يدخل فى ((موطئه)) إلا الثقات. كما قال بشر بن عمر الزهرانى: سألت مالك بن أنس عن رجل؟، فقال: هل رأيته في كتبي؟، قلت: لا، قال: ((لو كان ثقة لرأيته في كتبي)). وقال على بن المدينى: لا أعلم مالكاً ترك إنساناً إلا إنساناً فى حديثه شئ.
(1) بسر بن محجن بن أبى محجن لم يرو عنه إلا زيد بن أسلم
أخرج حديثه يحيى بن يحيى ((الموطأ)) (1/ 153. تنوير الحوالك): عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فصلَّى، ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما منعك أن تصلِّي مع الناس. ألست برجلٍ مسلمٍ؟)) فقال: بلى يا رسول الله، ولكني قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا جئت فصلِّ مع الناس، وإن كنت قد صليت)).
وأخرجه كذلك الشافعى ((المسند)) (ص214) و ((الأم)) (7/ 191)، وعبد الرزاق (2/ 420/3932، 3933)، وأحمد (4/ 34)، والنسائى ((الكبرى)) (1/ 299/930) و ((المجتبى)) (2/ 112)، وابن أبى عاصم ((الآحاد والمثانى)) (2/ 206/958)، وابن حبان كما فى ((موارد الظمآن)) (433)، والطحاوى ((شرح المعانى)) (1/ 362،363)، وابن قانع ((معجم الصحابة)) (3/ 68)، والطبرانى ((الكبير)) (20/ 296:293/ 702:696)، والعسكرى ((تصحيفات المحدثين)) (2/ 577)، والدارقطنى (1/ 415/1)، والحاكم (1/ 244)، والبيهقى (2/ 300)، وابن الجوزى ((التحقيق فى أحاديث الخلاف)) (1/ 448/631) من طرق عن زيد بن أسلم عن بسر أو بشر بن محجن الديلى عن أبيه به.
¥