[القسم الأول] الأصل المهذََّب، وأسمَّاه ((تهذيب الكتاب)). وقال بلفظه: ((تهذيب الكتاب بصورة لا تخل بالمقصود، بل تزيده دقة وفائدة، ويسهل تناوله أكثر بين الناس دون إنقاص فائدة من فوائده، لكى يقرأ الكتاب دون ملل فى وقت قصير)). ثم ذكر صنيعه لتحقيق هذه المقاصد:
1ـ ((حذف الآيات المتكررة المعنى واللفظ)).
2ـ ((حذف المكرر من الحديث فى الباب الواحد والاكتفاء منها بالأتم الأوفى)).
3ـ ((حذف المكرر من روايات الحديث الواحد إذا استوفت إحداها المعنى بتمامه)).
4ـ ((حذف الأحاديث الضعيفة من الكتاب كله)).
5ـ ((حذف أحاديث الباب بكاملها، إذا كان الباب مكرَّراً فى معناه فى الكتاب)).
6ـ ((حذف تخريجات الإمام النووى، والاكتفاء برموز ـ ذكرها ـ الرواة، لأنى التزمت أن أحذف الأحاديث الضعيفة كلها من الكتاب)).
7ـ ((حذف شرح الإمام النووى عقب الحديث، أو تغيير عباراته إن كان فيها غموض بعبارات أحسن وأوضح وأتمَّ)).
وهذه البنود المذكورة كلها بلفظ الشيخ حسان ـ سامحه الله ـ وعباراته، حذف .. حذف .. حذف .. حذف .. ، ويبدو أن الشيخ حسان مغرم بالحذف والشطب والكشط والمحو، ولو كان ذلك تشويهاً لكتب التراث ومسخاً لأصولها. وأنا، والذى أخافه وأخشاه ولا أعبد إلا إيَّاه، لا أظلمه ولا أحاكمه، والكتاب مطبوع ومتداول بأيدى طلبة العلم والعوام، وإنما أترك الأمر لأساتذة تحقيق كتب التراث ومصنفات الأئمة الأفذاذ، ووالله إننى لفى حاجة ماسة إلى مطالعة تعليقاتهم على هذا الصنيع بكتب الأسلاف، وأسائلهم: هل تقبلون هذا وترضونه؟.
[القسم الثانى] ذيل الكتاب. ((بيان الأحاديث الضعيفة من الكتاب الأصل)).
وفى هذا القسم ما فيه من الجرأة، والإقدام، وسلوك أوعر الطرق فى الحكم على الأحاديث المصطفوية، والأخبار النبوية.
هل تطمسون من السماء نجومها بأكفكم أو تسترون هلالَها
أو تجحدون مقالةً من ربكم جبريل بلَّغها النبىَّ فقالَها
حفظ الأوائل للشريعة قدرها وأتيتُمُ فأردتُمُ إبطالَها
ووالله لا أريد أن أسترسل مع خواطرى تجاه هذه الأغلاط، رجاء رجوع الشيخ وغيره إلى الصواب.
والقصد الآن: بيان الرد على تضعيف حدبث أبى هريرة المذكورة، والذى علَّقه إمام المحدثين فى ((صحيحه)).
فقد أخرجه البخارى فى ((كتاب الوكالة)):
بَاب إِذَا وَكَّلَ رَجُلا فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو ثنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنْه قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره بهذا السياق.
وأعاد ذكره معلَّقا فى موضعين من ((فضائل القرآن))، و ((بدء الخلق)).
قلت: وهذا إسناد معلَّق صحيح، وعثمان بن الهيثم العبدى أبو عمرو المؤذن البصرى من قدامى شيوخ البخارى، ومن طريقه وصله ابن خزيمة فى ((صحيحه)) (2424) قال: حدثنا هلال بن بشر البصري بخبر غريب غريب حدثنا عثمان بن الهيثم مؤذن مسجد الجامع حدثنا عوف به مثله.
وأخرجه كذلك النسائى ((الكبرى)) (6/ 238/10795) و ((عمل اليوم والليلة)) (959) عن إبراهيم بن يعقوب، والدارقطنى ((مجلس إملاء فى رؤية الله تبارك وتعالى)) (548) عن إسحاق بن الحسن الحربى، والبيهقى ((شعب الإيمان)) (2/ 456/2388) و ((دلائل النبوة)) عن السرى بن خزيمة، جميعاً عن عثمان بن الهيثم به.
وهذا الحديث أحد تعاليق البخارى عن مشايخه، ولم يوصله لإحدى ثلاثة أسباب:
(أولها) إما أنه لم يسمعه من شيخه، وإنما حمله عن أحد شيوخه الثقات عنه.
(ثانيها) وإما أنه سمعه منه فى المذاكرة، ولم يرى أن يسوقه مساق الأصول.
(ثالثها) وإما أنه سمعه منه وشكَّ وتردد فى سماعه، فعلَّقه عنه ولم يسنده.
فإن يكن الأول، فأقرب من رواه منهم بالبخارى: هلال بن بشر البصرى، وهو ثقة متقن، ولم يروى عنه فى ((الصحيح))، وإنما روى عنه فى ((التاريخ الكبير)).
¥