--------وقد نقل شُرَّاح الحديث عن الرافعي قوله: لما عُرِف النبي r اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حُكم ميتته , وقد يُُبتلى بها راكب البحر فعقَّب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة.

---------------------------------

ــــــــــــــ ومن أهم وأشهر المسائل المتعلقة في هذا الباب: ما يتعلق بتعيين ميتتة البحر التي يُباح أكلها بعد اتفاقهم على حِلِّ جميع أنواع الأسماك كما نقل الإجماع النووي (المجموع 23/ 9) وابن حجر (الفتح 11/ 44).

فقد اختلف الأئمة في حلِّ ميتة ما دون الأسماك:

----فذهب أبوحنيفة وأصحابه وأبو اسحاق الفزاري ورواية عن الثوري وهو قولٌ للشافعية: أنه يحرم أكل مادون السمك. واستدلوا بقوله تعالى:] ويحرم عليهم الخبائث [قالوا: وما سوى السمك خبيث.

وقالوا أيضاً: إنَّ حديث ابن عمر:" أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت , وأما الدمان فالطحال والكبد " يُفَسِر حديث الباب:" الحل ميتته " بأن المراد من الميتة السمك لا غير.

وقالوا في تفسير قوله تعالى:] أُحلِّ لكم صيد البحر وطعامه متاعا ًلكم .... [: إنَّ المراد من صيد البحر مصيدات البحر مما يُؤكل لحمه ومما لم يؤكل , والمراد من طعامه ما يطعم من صيده , والمعنى: أحل لكم الإنتفاع بجميع ما يصاد في البحر وأحل لكم المأكول منه وهو السمك وحده.

وتفسير الآية على هذا الوجه الذي اتخذه الحنفية وغيرهم مخالف لتفسير الجمهور لهذه الآية حيث يستدلون بها بأنَّ المراد من طعامه ما قذفه البحر ورماه إلى الساحل , فيكون المعنى: أُحلّ لكم جميع ما صدتم من البحر وما قذفه البحر. ولذا روى البخاري عن عمر معلقاً في "صحيحيه" وموصولاً في "تاريخه" قال: صيد ما اصطيد , وطعامه ما رمى به.

--------- ومذهب الجمهور أجازوا كل ميتات البحر سوى استثنائات قليلة لورود النص في بعضها , أو الإستحسان متجه في بعضها , أو لوجود الضرر في بعضها الآخر , ومن أشهر هذه المستثنيات:

_الضفدع لما جاء عند أبي داود (5269) والنسائي (4355) من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن ابن المسيب عن عبدالرحمن بن عثمان: أنَّ طبيباً ذكر ضفدعاً في دواءٍ عند رسول الله r فنهى عن قتله. قال النووي (المجموع9/ 22): رواه ابن ماجة باسناد حسن والنسائي باسناد صحيح. وقال بتحريم الضفدع أحمد في المشهور عنه وصححه النووي.

_ ومثل الحية والتمساح: فالحية لذات السم , والتمساح لأنه ذو ناب يفترس به. وهو قولٌ لأحمد وإجماعٌ عند الشافعية نقله النووي في المجموع (المرجع السابق).

وثمت استثنائات آخرى كالسلحفاة والعقارب والحيات والخنزير وغير ذلك كلها فروع في مذهب الشافعية وينعدم في غالبها الدليل.

ومن أشهر أدلة الجمهور فيما ذهبوا إليه في حِلِّ جميع ميتات البحر سوى ما ذكرنا من استثنائات: الآية السابقة:" أحل لكم صيد البحر ... " وقد تقدم وجه الإستدلال عندهم حول الآية وكذا استدلوا بحديث الباب.

وهناك قولٌ للشافعية وهو: أنَّ ماله نظير في البر لايؤكل مثل كلب الماء وخنزير الماء والحمار ونحوهما فحرام , وماله نظير يؤكل فميتته من حيونات البحر حلال (شرح السنة11/ 250).

فعلى كلٍ لاشك أن قول الجمهور له قوة ومتانة , وذلك أنه مذهب كبار الصحابة: كأبي بكر وعمر وعلي في رواية وابن عباس وجماعة , ولكن لما كان من هؤلاء الجمهور من أهل العلم من استثنى بعض الحيوانات من ميتتات البحر فإنه لا بأس أن يقال: الأصل في ميتتا البحر الحل لعموم الآية السابقة وكذا حديث الباب , إلاّ ما ورد النص الصحيح بتحريم أكله أو كان ضاراً , فالقول بتحريم هذا متجه صحيح.والله أعلم.

------------------------

__وهناك مسألة فرعية تتعلق بالسابقة وهي: ما حكم السمك الطافي على الماء؟

يقال: _ذهب الحنفية إلى تحريم ذلك حيث فرقوا بين ما لفظه البحر فمات , وبين ما مات فيه من غير آفة. ومتمسكهم ما رواه أبوداود (3815) حدثنا أحمد بن عبدة , حدثنا يحيى بن سليم الطائفي حدثنا اسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله r :" ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه , وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه ".

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015