قال عبد الله بن الصديق الغماري-معلقاً على كلام السيوطي- (وهو تساهل قبيح بل الحديث ظاهر الوضع، واضح النكارة، وفيه نفس صوفي…إلى أن قال: والعجب أن السيوطي عزاه إلى عبد الرزاق مع أنه لا يوجد في مصنفه ولا تفسيره ولا جامعه وأعجب من هذا أن بعض الشناقطة صدق هذا العزو المخطيء فركب له إسناداً من عبد الرزاق إلى جابر، ويعلم الله أن هذا كله لا أصل له فجابر –رضي الله عنه- بريء من رواية هذا الحديث وعبد الرزاق لم يسمع به) (2)

وقال أحمد بن الصديق الغماري: مستدركاً على السيوطي-أيضاً-: (وهو حديث موضوع لو ذكره بتمامه لما شك الواقف عليه في وضعه، وبقيته تقع في ورقتين من القطع الكبير؛ مشتملة على ألفاظ ركيكة، ومعاني منكرة) (3).

وحكم بوضعه الشيخ محمد أحمد عبد القادر الشنقيطي-رحمه الله- في رسالة خاصة سماها: "تنبيه الحذاق على بطلان ما شاع بين الأنام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق".

وأقره عليه وقرظ رسالته الشيخ عبد العزيز ابن باز-رحمه الله-.

وقال اللكنوي: (قد ثبت من رواية عبد الرزاق أولية النور المحمدي خلقاً، وسَبْقته على المخلوقات سبقاً وقد اشتهر بين القصاص حديث: ((أول ما خلق الله نوري)) وهو حديث لم يثبت بهذا المبنى وإن ورد غيره موافقاً له في المعنى) (4).

فقوله: (ثبت) باطل ومردود بما سبق بيانه.

وقوله: (ورد غيره موافقاً له في المعنى) باطل -أيضاً- ليس له مستند من الكتاب، ولا من السنة؛ بل هو مردود من وجوه:

الوجه الأول: أنه لم يرد فيما ادعاه نص من كتاب، ولا سنة؛ فهو قول على الله بلا علم.

الوجه الثانى: ما ورد من حديث أبي رزين-رضي الله عنه-أنه قال: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: (كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء) (5) فالحديث صريح في أن العرش أو الماء أول المخلوقات، ولو كان النور المحمدي- بزعمهم- مخلوقاً لما أغفله النبي –صلى الله عليه وسلم-.

الوجه الثالث: أن المحققين من أهل العلم لم يقل أحد منهم-فيما وقفت عليه- بأن النور المحمدي-بزعمهم- أول مخلوق وإنما هو من دين الصوفية ومن قلدهم الذي فارقوا به جماعة المسمين والله أعلم.

الوجه الرابع: أنه على رواية (أول ما خلق الله نور نبيك من نوره) باطل لمعارضته لبشرية النبي-صلى الله عليه وسلم- إذ من المقطوع به أن نبينا محمداً-صلى الله عليه وسلم-من بني آدم وآدم خلق من طين لا من نور.

وفي الحديث غير ما سبق ذكره من المخالفات وانظرها في رساله الأخ الصادق محمد إبراهيم الموسومة بـ"خصائص المصطفى بين الغلو والجفا" (ص/83 - 89).

ثم إن ثبت الحديث –ودون ذلك خرط القتاد- فمعناه: أنه –صلى الله عليه وسلم-أول ما خلق الله من النبيين كما في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم- ((كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث)) (6)

وسنده ضعيف، والصحيح أنه عن قتادة مرسلاً (7). والله أعلم.

يتبع الباقي في موضوع مستقل إن شاء الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

الهوامش:

1 - الحاوي للفتاوي (1/ 223 - 325).

2 - ملحق قصيدة البردة لعبد الله الغماري (ص/75).

3 - المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير (المقدمة: ص/7)

4 - الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ص/43).

5 - رواه أحمد في مسنده (4/ 11) والترمذي في سننه (5/ 288رقم3109) وابن ماجه (1/ 64رقم182) وابن حبان في صحيحه (14/ 8 - 9رقم6141) وغيرهم وهو حديث حسن.

6 - رواه ابن أبي حاتم [كما في تفسير ابن كثير (ص/1052)] وابن عدي في الكامل (3/ 49،372،373) وأبو نعيم في الدلائل (ص/6) وتمام في الفوائد (4/ 207رقم1399) وغيرهم وضعفه الألباني-رحمه الله- في “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة” (2/ 115رقم661).

7 - رواه ابن سعد في الطبقات (1/ 149) وأبو نعيم في الدلائل [كما في البداية والنهاية (2/ 298)].

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 03, 07:05 ص]ـ

وهناك رسلة لعداب الحمش اسمها (النور المحمدي) بين فيها بطلان هذا الحديث فأجاد فيها

فلتراجع والله اعلم

ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[03 - 03 - 03, 08:26 ص]ـ

جزاكم الله خيراً، وبارك الله في علمكم وعملكم، وجمعنا وإياكم في جنة الفردوس مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 03 - 03, 10:15 ص]ـ

وأزيد على مذكر الشيخ بأنه نبه على وضع هذا الحديث، جمع وكتبوا فيه، مع العلم أن في هؤلاء المؤلفين فيهم السلفي والأشعري ومن فيه تجهم! وكلهم على وضعه، ومن هؤلاء:

عبدالله الصديق الغماري، في رسالة بعنوان: "مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر".

وحسن السقاف، وله إرشاد العاثر لوضع حديث أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر.

وكذلك هناك رسالة لأبي عمر محمد العطايا، حول هذا الحديث، وهي المنقولة هنا.

ومحمد أحمد عبدالقادر الشنقيطي، في تنبيه الحذاق على بطلان ما شاع بين الأنام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق.

وكذلك رسالة (النور المحمدي) لعداب الحمش.

وهناك من تعرض له في معرض حديثه كالصادق محمد إبراهيم في رسالته " خصائص المصطفى بين الغلو والجفا".

علماً بأن واضاعه تارة ينسبه لمسند أحمد! وتارة إلى مصنف عبدالرزاق، وتارة إلى كتاب غير موجود ينسبونه لعبد الرزاق.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015