ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[18 - 10 - 02, 05:48 ص]ـ

أخي الكريم الأزهري السلفي

بالنسبة للشرط الأخير وهو التواتر فإن إمام القراء ابن الجزري يرى أنه يكفي صحة الإسناد، ولا يشترط التواتر، وعامة القراءات السبعة تواترت أسانيدها إلى القراء السبعة أو رواتهم، ولكن أسانيدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم آحادية، وإلا فأين الإسناد المتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم سكت على (من راق) و (بل ران)؟ لم يسكت عليها من القراء العشرة ورواتهم إلا حفص عن عاصم، فكذلك التكبير، ولا يسمى ذلك شاذا عند القراء اتفاقا، وأمثلة ذلك لا تحصى

وقد قلت في بحيثي المشار إليه ما يلي:

الركن الثالث:

صحة الإسناد، وهي شرط إجماعا، ولكن هل يشترط التواتر لثبوت القراءة؟ الصحيح الذي عليه المحققون أنه لايشترط التواتر لأنه لادليل على اشتراطه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث آحاد الصحابة لتعليم القرآن، وكانوا يسمعون الآية من الصحابي فيعملون بها ويقرؤون بها في صلواتهم، قال ابن الجزري: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لايثبت به قرآن، وهذا مما لايخفى ما فيه، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم، ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا ثم ظهر فساده (2). وقال الشوكاني *: وقد ادعي تواتر كل واحدة من القراءات السبع، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر، وادعي أيضا تواتر القراءات العشر، وهي هذه مع قراءة يعقوب وأبي جعفر وخلف، وليس على ذلك أثارة من علم فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحاديا، كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم، وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول، وأهل الفن أخبر بفنهم. (3)، ولكن يمكن أن يقال إن أسانيد القراءات العشر وإن كانت آحادية فإن كل واحد من القراء العشرة لم يكن منفردا بما يقرأ به بل شاركه فيه أهل بلده، ولكن انقطعت أسانيدهم ولم يعتن بنقلها، اكتفاء بالبعض عن الكل، فابن عامر مثلا قرأ على أبي الدرداء رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم ينفرد ابن عامر برواية قراءة أبي الدرداء، فقد قرأ على أبي الدرداء رضي الله عنه ألف وخمسمائة شخص، ولكن لم تصلنا أسانيدهم، وكذلك أبو الدرداء رضي الله عنه لم ينفرد بالقراءة التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم بل شاركه غيره من الصحابة، فإذا قصد بالتواتر هذا المعنى فقد يكون له وجه، وأما إذا قصد بالتواتر أن كل كلمة في القراءات السبع أو العشر قد رواها جمع غفير عن جمع غفير حتى ينتهي الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا ما لا دليل عليه، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015