وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في الإغاثة (1/ 228) ولا ينبغي لمن شمَّ رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك. فأقل ما فيه أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور ... ).

وفي هذه الأزمنة امتد أمر الغناء وأدخلت عليه محسنات كثيرة فغمر المجالس والمحافل وازداد عشاقه فصار تجارة الفساق وأصبح ظاهرة في كثير من البلاد يشترك فيه الرجال والنساء فيقفون أمام الملأ في المسارح والأندية الرياضية والصالات المغلقة يغنون بالفحش والخنا ويدعون للفسوق والانحراف والرذيلة والخلاعة وأمثال ذلك من العظائم المعلوم قبحها بالفطر السليمة والعقول الصحيحة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((ليكوننّ من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف. ولينزلنَّ أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم – يعني الفقير- لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً فيبيتُهُمُ الله ويضع العلمَ ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة)).

ذكره البخاري في صحيحه (5590) عن هشام بن عمّار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثنا عبد الرحمن بن عَنْم الأشعري قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول.

ورواه ابن حبان في صحيحه (6754) عن الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار فذكره دون آخره.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تغليق التعليق (5/ 22) وهذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له وقد أعله أبو محمد بن حزم بالانقطاع بين البخاري وصدقة بن خالد، وبالاختلاف في اسم أبي مالك وهذا كما تراه قد سقته من رواية تسعة عن هشام متصلاً فيهم مثل الحسن بن سفيان وعبدان وجعفر الفريابي وهؤلاء حفاظ أثبات وأما الاختلاف في كنية الصحابي فالصحابة كلهم عدول ... ).

وقال الحافظ ابن رجب في نزهة الأسماع ص (45) فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار .. ).

وفي الباب غير ذلك.

والمعازف هي آلات اللهو من عود وغيره والله أعلم.

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[31 - 03 - 02, 03:28 م]ـ

قرأت في أحد الكتب حديث حذيفة ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس وسط الحلقة)).

فتعاظمت هذا الوعيد في مثل هذا العمل اليسير فقلت أكتب لفضيلتكم تبينون درجته فإن صح عندكم فما معناه؟.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الحديث رواه أبو داود في سننه (4826) حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة حدثني أبو مجلز عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة)).

ورواه أحمد (5/ 384) والترمذي (2753) والحاكم (4/ 281) من طريق شعبة عن قتادة نحوه.

وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وصححه الحاكم وفيه نظر.

فالحديث رواته ثقات غير أنَّ أبا مجلز لا حق بن حميد لم يسمع من حذيفة قاله يحيى بن معين.

وقال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا حجاج بن محمد قال قال شعبة لم يدرك أبو مجلز حذيفة (العلل رقم 788).

فأصبح الحديث ضعيفاً وهو ليس على ظاهره اتفاقاً.

وقد تأوله قوم على الرجل السفيه الذي يقيم نفسه مقام السخرية ليكون ضحكة بين الناس.

وتأوله آخرون على من يأتي حلقة قوم فيتخطى رقابهم ويقعد وسطها ولا يقعد حيث انتهى به المجلس فلعن للأذى.

وتأولته طائفة ثالثة بتأويل آخر.

ولا يصح من هذه التأويلات شيء وقد علمتَ أن الحديث معلول فلا يؤخذ منه حكم.

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[31 - 03 - 02, 03:35 م]ـ

أنا أقرأ في كتب الفقهاء فأرى كثيراً منهم يستحب أن يُقال في لفظ الإقامة أقامها الله وأدامها. ويذكرون في ذلك حديثاً وهو معروف لدى فضيلتكم فما صحته؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي السائل اعلم أن الاستحباب حكم شرعي، والأحكام الشرعية من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات لا تقوم إلا على أدلة صحيحة فلا يمكن اثبات حكم بدون دليل محفوظ.

وقد اعتاد الفقهاء التساهل في ذلك فيثبتون الاستحباب بحديث ضعيف والكراهية بمثل ذلك وأشد.

وقد تفاقم الأمر في العصور المتأخرة فترى الأحاديث الضعيفة والمنكرة والأخبار الواهية في كتب العقائد والتفاسير وأحكام الحلال والحرام. وأعظمُ من ذلك الجزم بنسبة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطر عظيم وذنب كبير.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015