معنى قول حفاظ الحديث (لايعرف إلا من هذا الطريق)

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[15 - 03 - 03, 03:18 م]ـ

تجد في عبارات كثير من أئمة الحديث (لانعرفه إلا من هذا الوجه) و (لانعرفه إلا من حديث فلان)، ونحوها من العبارات، فقد يفهم البعض عندما يجد طريقا آخر غير ما ذكره هذا الإمام أن هذا قد فاته، ويستدرك عليه، وقد نبه الحافظ ابن حجر رحمه الله على هذه المسألة في النكت على ابن الصلاح وبين مقصود الأئمة بذلك:

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في النكت على ابن الصلاح (2/ 721 - 723)

(ولما أخرج الترمذي حديث ابن جريج المبدأ بذكره في ((كتاب الدعوات)) من جامعه عن أبي عبيدة بن أبي السفر، عن حجاج قال: هذا حديث حسن [صحيح] غريب لا نعرفه من حديث سهيل إلا من هذا الوجه)). انتهى.

وهو متعقب أيضاً وقد عرفناه من حديث سهيل من غير هذا الوجه فرويناه في الخلعيات مخرجاً من أفراد الدار قطني من طريق الواقدي ثنا عاصم ابن عمر وسليمان بن بلال كلاهما عن سهيل به. ورويناه في كتاب الذكر لجعفر الفرباني قال: ثنا هشام بن عمار. ثنا إسماعيل بن عياش. ثنا سهيل به.

ورويناه في ((الدعاء)) للطبراني من طريق ابن وهب قال: حدثني محمد بن أبي حميد عن سهيل.

فهؤلاء أربعة رووه عن سهيل من غير هذا الوجه الذي أخرجه الترمذي

فلعله إنما نفى أن يكون يعرفه من طريق قوية، لأن الطرق المذكورة لا يخلو واحد منها من مقال.

أما الأولى: فالواقدي متروك الحديث.

وأما الثانية: فإسماعيل بن عياش مضعف في غير روايته عن الشاميين. ولو صرح بالتحديث.

وأما الثالثة: فمحمد بن أبي حميد وإن كان مدنياً، لكنه ضعيف أيضاً

وقد سبق الترمذي أبو حاتم إلى ما حكم به من تفرد تلك الطريق عن سهيل، فقال: فيما حكاه ابنه عنه في ((العلل)): ((لا أعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من طريق أبي هريرة رضي الله عنه.

قال: وأما رواية إسماعيل بن عياش، فما أدري ما هي؟ إنما روى عنه إسماعيل أحاديث يسيرة)).

فكأن أبا حاتم استبعد أن يكون إسماعيل حدث به، لن هشام بن عمار تغير في آخر عمره، فلعله رأى أن هذا مما خلط فيه، ولكت أورد ابن أبي حاتم على إطلاق أبيه طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة التي قدمناها، ثم اعتذر عنه بقوله: كأنه لم يصحح رواية عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري

وهذا يدلك على أنهم قد يطلقون النفي، ويقصدون به نفي الطرق الصحيحة، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة والله الموفق. انتهى.

وقد نبه الشيخ حمزة المليباري في الموازنة (ص 118 - 122) على أن البعض قد يستدرك على الحفاظ إذا قالوا لايعرف من هذا الوجه بطرق غريبة متأخرة عن زمن هذا الإمام وذكر أمثلة لذلك.

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[15 - 03 - 03, 04:29 م]ـ

أخي الفاضل الكريم: عبدالرحمن الفقيه ... وفقه الله

جزاك الله خيراً على هذه الفائدة النفيسة.

ولكن كيف يمكن التمييز بين عباراتهم التي يطلقونها مشعرةً بالغرابة المطلقة - وهي كثيرة - وبين إشعارهم بنفي المتابعة الصحيحة؟

وخاصة في مثل قولهم: (لا يتابع عليه) أو (لم يتابع عليه).

إذن فهذه الفائدة مقيدة بـ (قد)؛ بمعنى أنه قد يوجد هذا، وقد يوجد هذا.

وهذا ما حدى بالحافظ أن يقول فيما نقلتموه عنه: ((قد)) يطلقون النفي، ويقصدون به نفي الطرق الصحيحة، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة.

وجزاكم الله خيراً

ـ[عبدالله العتيبي]ــــــــ[15 - 03 - 03, 05:06 م]ـ

شيخنا الموفق عبدالرحمن الفقيه: بورك فيك، نقل مسدد.

والعجب أن يجهل مثل هذا كثير من العصريين، ويفرح باستدراكه على الأئمة وقد رأيت لأحدهم كتاباً سماه:

تنبيه الهاجد في الاستدراك على الأماجد.

أو نحو هذا.

وكتب آخر وهو الغماري:

ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ.

ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[15 - 03 - 03, 10:38 م]ـ

أحسن الله إليك شيخنا الفقيه وبارك فيك.

يظهر أثر هذه المسألة عند تقوية الحديث الضعيف بطرق أخرى ضعيفة.

فقد يقول الترمذي عن حديث أنّه (غريب) ويكون له طريق أخرى في معاجم الطبراني.

فهل تعتبر مثل هذه المتابعات التي عند الطبراني في تقوية حديث الترمذي الذي وصفه بالغرابة؟

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[15 - 03 - 03, 11:04 م]ـ

أحسنت أخي الفاضل السمرقندي في تقييدك فجزاك الله خيرا على ما نبهت إليه،وجزاك الله خيرا أخي الفاضل عبدالله العتيبي، وأما ما ذكره الأخ هيثم حفظه الله فلعل في كلام الشيخ حمزة كفاية في الإجابة عن هذا التساؤل

قال الشيخ حمزة المليباري حفظه الله في الموازنة ص 122 (ولذلك لاينبغي لأمثالنا التسرع إلى الاعتراض على نقاد الحديث في حكمهم على حديث ما بأنه غريب أو تفرد به فلان أو لايعرف إلا بهذا الإسناد تفرد به فلان، أو غير ذلك مما يفيد الغرابة أو الضعف، بما يروى في كتب الفوائد أو الغرائب أو الكتب التي ظهرت في أواخر مرحلة الرواية، بحجة أنه يفوت على كبار المحدثين من الطرق والروايات ما قد حفظه الآخرون. نعم قد يفوت على بعضهم ما عند الآخرين، وأما أن يفوت حديث على المحدثين المتقدمين جميعا ثم يحفظه بعض المتأخرين فلا) انتهىكلام الشيخ حمزة حفظه الله.

ولذلك ينبغي التنبه والتيقظ عندما يحكم أحد الأئمة الحفاظ على حديث بالغرابة أو التفرد، فعندما نجد له طريقا أخرى نراعي حكم ذلك الإمام على الحديث بالغرابة أو التفرد، ولايعني هذا أنه لايفوته شيء من الطرق ولكن الغالب أنها لاتفوتهم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015