و إذا تقررت هذه القاعدة عند البخاري يتبين بذلك ترك البخاري للرواية عنه في صحيحه و يزيده وضوحا قول الخطيب في رسالته الاحتجاج بالشافعي ص (38) حيث قال:" والذي نقول في تركه الاحتجاج بحديث الشافعي إنما تركه لا لمعنى يوجب ضعفه لكن غني عنه بما هو أعلى منه وذلك أن أقدم شيوخ الشافعي الثقات الذين روى عنهم مالك بن أنس وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وداود بن عبد الرحمن العطار وسفيان بن عيينة. والبخاري لم يدرك الشافعي. وروى عن من كان أكبر منه سنا وأقدم منه سماعا مثل مكي بن إبراهيم البلخي وعبيد الله بن موسى العبسي وأبي عاصم الشيباني ومحمد بن عبد الله الأنصاري وخلق يطول ذكرهم. وهؤلاء الذين سميتهم رووا عن بعض التابعين.

وحدثه أيضا عن شيوخ الشافعي جماعة كعبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن يوسف التنيسي وإسماعيل بن أبي أويس وعبد العزيز الأويسي ويحيى بن قزعة وأبي نعيم الفضل بن دكين وخالد بن مخلد وأحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد وهؤلاء كلهم رووا عن مالك.

ومنهم من روى عن الدراوردي وكسعيد بن أبي مريم المصري وأبي غسان النهدي وعبد الله بن الزبير الحميدي وعلي بن المديني وهؤلاء رووا عن سفيان بن عيينة.

وفيهم من يحدث عن داود بن عبد الرحمن العطار وغير من ذكرت أيضا ممن أدرك شيوخ الشافعي قد كتب عنه البخاري فلم ير أن يروي عنه حديثا عن رجل عن الشافعي عن مالك وقد حدثه به غير واحد عن مالك كما رواه الشافعي مع كون الذي حدثه به أكبر من الشافعي سنا وأقدم سماعا "التنيسي وإسماعيل بن أبي أويس وعبد العزيز الأويسي ويحيى بن قزعة وأبي نعيم الفضل بن دكين وخالد بن مخلد وأحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد وهؤلاء كلهم رووا عن مالك ومنهم من روى عن الدراوردي وكسعيد بن أبي مريم المصري وأبي غسان النهدي وعبد الله بن الزبير الحميدي وعلي بن المديني وهؤلاء رووا عن سفيان بن عيينة وفيهم من يحدث عن داود بن عبد الرحمن العطار وغير من ذكرت أيضا ممن أدرك شيوخ الشافعي قد كتب عنه البخاري فلم ير أن يروي عنه حديثا عن رجل عن الشافعي عن مالك وقد حدثه به غير واحد عن مالك كما رواه الشافعي مع كون الذي حدثه به أكبر من الشافعي سنا و أقدم سماعا ".اهـ

وقد ذكر البخاري مذهبه باسمه في موضعين (كما سبق عند ذكر مالك):

كتاب الزكاة باب فى الركاز الخمس.وقال مالك وابن إدريس الركاز دفن الجاهلية، فى قليله وكثيره الخمس. وليس المعدن بركاز.

كتاب البيوع باب تفسير العرايا وقال مالك العرية أن يعري الرجل الرجل النخلة ثم يتأذى بدخوله عليه فرخص له أن يشتريها منه بتمر وقال ابن إدريس العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدا بيد لا يكون بالجزاف.

الإمام أحمد بن حنبل:

حدث عنه البخاري في صحيحه حديثا، وعن أحمد بن الحسن عنه حديثا آخر في المغازي. انظر أسامي مشايخ الإمام البخاري لابن منده ص28، و سير أعلام النبلاء (11\ 181) و المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الستة النبل ص58. و الموضعان هما

-الأول في كتاب المغازي باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم رقم4473 - قال حدثني أحمد بن الحسن حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال حدثنا معتمر بن سليمان عن كهمس عن ابن بريدة عن أبيه قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة. و قد ذكر الكلابادي أنّه الحديث الواحد الذي أخرج له و أمّا الأحاديث الأخر فقال عنها " إلا ما لعله استشهد به في بعض المواضع ".رجال البخاري (1/ 43). و كذا قال ابن منده في " أسامي مشايخ الإمام البخاري" ص28.

-الحديث الثاني في كتاب النكاح باب ما يحل من النساء وما يحرم رقم 5105 - وقال لنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع .. إلخ.

و اختلف في الموضع الثالث هل هو من رواية أحمد بن حنبل لأن البخاري أبهمه و لم يعينه فلهذا وقع الاختلاف.

حيث قال البخاريفي (اللباس) باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر: رقم 5878 قال حدثني محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس: "أن أبا بكر لما استخلف كتب له، وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد: سطر، ورسول: سطر، والله: سطر".

رقم5879قال أبو عبد الله: وزادني أحمد: حدثنا الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، فلما كان عثمان جلس على بئر أريس، قال: فأخرج الخاتم يعبث به، فسقط. قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فننزح البئر، فلم نجده ".

وهنا أحمد أبهم و قد جزم الحميدي في كتابه الجمع بين الصحيحين (1/ 21) أنه أحمد ابن حنبل [لكنه نسب الموضع إلى كتاب الصدقات و هو كما ترى في كتاب اللباس] و المزي في تحفة الأشراف حيث قال:" و قال في اللباس (55): وزادني أحمد بن حنبل، عن الأنصاري ... فذكر قصة الخاتم ... ". (7/ 232).

لكن ابن حجر توقف في نسبته حيث قال: " قوله وزادني أحمد حدثنا الأنصاري إلى آخره هذه الزيادة موصولة وأحمد المذكور جزم المزي في الأطراف أنه أحمد بن حنبل لكن لم أر هذا الحديث في مسند أحمد من هذا الوجه أصلا " الفتح (10/ 405).

وأما عن سبب ترك البخاري الرواية عن أحمد بن حنبل سوى النزر اليسير فهو ما ذكره ابن حجر حيث أفصح عنه قائلا:" وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقي كثيرا من مشايخ أحمد فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث فكان لا يحدث إلا نادرا فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد"اهـ من الفتح (14/ 351).

و أخيرا أسأل الله العظيم أن ينفع بهذا البحث أقواما و يرزقنا العمل و الاخلاص و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015